نائب البلد وأصحابه ، ودفن خارج باب الصغير ، وقد اشترى الملك الظاهر بيبرس داره وبناها مدرسة ودار حديث وتربة ، وذلك في حدود سنة سبعين وستمائة انتهى ملخصا.
والملك الظاهر هذا هو السلطان ركن الدين أبو الفتوح بيبرس التركي البندقداري الصالحي النجمي صاحب مصر والشام ، ميلاده في حدود العشرين وستمائة ، اشتراه الأمير علاء الدين البندقداري ، فقبض الملك الصالح على البندقداري ، وأخذ ركن الدين المذكور ، فكان من جملة مماليكه ، وطلع شجاعا ضاريا ، شهد وقعة المنصورة ، وكان أميرا في الدولة المعزية ، ثم صار من أعيان البحرية ، وولي السلطنة في سابع عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة. وله فتوحات مشهورة ومواقف مشهودة ، ولو لا ظلمه وجبروته في بعض الأحايين ، لعدّ من الملوك العادلين ، توفي يوم الخميس بعد الظهر ثامن عشرين المحرم سنة ست وسبعين وستمائة بقصره الأبلق بدمشق ، وخلف من الأولاد الملك السعيد محمد (١) والخضر وسلامش (٢) وسبع بنات ، ودفن بتربة أنشأها ابنه الملك السعيد وبيلبك (٣) الخازندار الظاهري نائب سلطنة مولاه ، وكان بيلبك المذكور قد أخفى موت الملك الظاهر وخرج من دمشق إلى مصر بمحفة يوهم أن السلطان فيها مريض إلى أن دخل مصر ، فسلطن الملك السعيد ناصر الدين أبا المعالي محمد ، ميلاده في حدود سنة ثمان وخمسين وستمائة بظاهر القاهرة ، وتملك بعد أبيه في صفر سنة ست وسبعين وستمائة. قال الذهبي في العبر : وكان شابا مليحا كريما حسن الطباع ، فيه عدل ولين وإحسان ومحبة للخير. وفي ذي الحجة سنة سبع وسبعين وستمائة قدم الملك السعيد وعملت القباب ، ودخل قلعة دمشق يوم خامس الشهر فأسقط ما وظفه أبوه على الأمراء ، ففرح الناس به ودعوا له ، وفي سنة ثمان خلع نفسه بقلعة القاهرة وقنع بالكرك ، ورتبوا أخاه سلامش في السلطنة وعمره سبع سنين. ثم في شهر رجب منها خلعه أتابكه سيف الدين قلاوون (٤) ولقب
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٣٦٢.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ٤١١.
(٣) شذرات الذهب ٥ : ٣٥١.
(٤) شذرات الذهب ٥ : ٤٠٩.