للأيتام ، فلم يتم أمرها حتى قتل في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وسبعمائة ، وقد درّس بها الشيخ عز الدين ابن شيخ السلامية (١) الحنبلي في المحرم سنة تسع وستين وسبعمائة ، ثم إنها صارت خانقاه بعد ذلك ، ولها وقف يسير جدا إلى أن احترقت في الفتنة انتهى. وقال الأسدي أيضا في تاريخه : وتولى سيف الدين جقمق المذكور نيابة دمشق في شوال سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ، ودخلها في ذي القعدة منها ، وكان له همة في عمارة دمشق بنفسه وبالزام الناس بذلك وبالنقلة إلى داخلها ، وشرع في عمارة الطيوريين والفسقار ، وعمارة التربة بباب الناطفيين وفرغها ، وجاءت في غاية الحسن والزخرفة ، قيل إنه ليس بدمشق ولا مصر نظيرها ، ووسعها من جهة القبلة وجعل لها شبابيك إلى الكلاسة ومن جهة الشمال ، وبنى مقابلها خانقاه للصوفية ، ورتب بها شيخا وصوفية ، ورتب بالتربة المذكورة ميعادا بعد صلاة الجمعة ، وجعل في قبلة التربة مكتبا للأيتام ، وقد كان في هذا المكان مكتب للأيتام قبل الفتنة ، ووقف السوق الذي عمره داخل باب الجابية ، وطاحون الأعجام التي أنشأها بالوادي ، والخان شمالي المصلى ، البعض على التربة ، والبعض على نفسه وأولاده ، والبعض على غير ذلك ، وهذه التربة كان قد أسسها المعلم سنجر ، وعصى جقمق في أول سنة أربع وعشرين وأخذ قلعة دمشق ، ثم قام عليه القوشي وأخرجه في جمادى الأولى منها ثامن شهر ربيع ، ثم أعيد ثانية إلى دمشق مكانه تنبك ميق (٢) في سادس عشر جمادى الأولى المذكورة.
وقال الأسدي أيضا فيه : وفي يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الآخر سنة اربع وعشرين وثمانمائة ، وفي هذا اليوم حضر الشيخ شرف الدين ابن مفلح بتربة النائب ، وقد رتب له ميعاد في كل جمعة ، وحضر معه قاضي القضاة يعني نجم الدين بن حجي وجماعة من الفقهاء ، هذا وقد كملت التربة المذكورة وجاءت في غاية الحسن ولكن ظلمة الظالم لائحة عليها انتهى. وكان ذكر فيما تقدم أنه دفن أمه بها في آخر السنة قبلها وورث منها مالا كثيرا. وقال الأسدي : في
__________________
(١) شذرات الذهب ٦ : ٢١٤.
(٢) شذرات الذهب ٧ : ٢٠٨.