اقتتاء المفاخر ، ببناء الربط والقناطر ، ومن جملتها رباط خسفين ، ورباط نوى ، وله مدرسة مجاورة داره ، ولقد كفى الله دمشق الحصر نهض وراء العادل إلى مصر ، فرده إلى دمشق ليلازم خدمة المعظم ولده ، وأن يكون من أقوى عدده وأوفى عدده ، وكان في خلقه رغادة ، وكانت حصافئه مستعادة. قال : ولما دفن نبشت أمواله وفتشت رحاله ، وحضر أمناء القاضي وضمناء الوالي ، وأخرجوا خبايا الزوايا ، وسموط النقود وخطوط النسايا ، وغيروا رسوم المنزل ومعالمه ، واستنبطوا دنانيره ودراهمه ، وحفروا أماكن في الدار وبركة الحمام في الجوار ، فحملوا أوقارا من النضار ، وظهروا على الكنوز المخفية ، والدفائن الألفية ، فقيل زادت على مائة ألف دينار ، وهو قليل في جنب ما يحرز به من كذا وكذا قنطارا ، واستقل ما حواه الخزن ، وأخفاه الدفن ، وقيل كان يكنز في صحارى ضياعه ، ومفازات أقطاعه ، وأتهم بعده جماعة بأن له عندهم ودائع ، وتأذى بذلك منهم المتأبي والطائع ، وداره بدمشق هي التي بناها الملك الأشرف أبو الفتح موسى بن العادل دارا للحديث في سنة ثلاثين وستمائة ، وأخرب الحمام الذي كان مجاورا لها ، وأدخله في ربعها ، وذلك في جوار قلعة دمشق بينهما الخندق والطريق ، وثم مدرسته المعروفة بالقمازية انتهى.
وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ست وتسعين وخمسمائة : والأمير صارم الدين قايماز بن عبد الله النجمي ، من أكابر الدولة الصلاحية ، وكان عند الملك صلاح الدين بمنزلة أستاذ دار ، وهو الذي تسلم القصر حين مات العاضد بمصر ، فحصل له أموال جزيلة جدا ، وكان كثير الصدقات والأوقاف ، وقد تصدّق في يوم بسبعة آلاف دينار ، وهو واقف المدرسة القيمازية شرقي القلعة المنصورة ، وقد كانت دار الحديث الأشرفية دارا لهذا الأمير وله بها حمام ، فاشترى ذلك الملك الأشرف فيما بعد موسى بن العدل ، وبناها دار حديث ، وأخرب الحمام وبناه مسكنا للشيخ المدرس بها ، ولما توفي ودفن في قبره نبشت دوره وحواصله وكان متهما بمال جزيل ، وقد كان متحصل ما جمع من ذلك مائة ألف دينار ، وكان يظن أن عنده أكثر من ذلك ، ولكن كان يدفن أمواله في الخراب من أراضي