السلطان الملك الظاهر بيبرس الصالحي في سنة أربع وستين وستمائة ، وفي سادس جمادى الأولى منها استناب القاضي بدر الدين المظفر بن رضوان المنبجي المدرس بالمعينية ، واستمرّ قاضي القضاة إلى أن توفي ، وجرت له حكاية مليحة مع السلطان الملك الظاهر لما احتاط على البساتين بدمشق حين حضر السلطان بدار العدل بدمشق وجرى الكلام في ذلك ، فتكلم قاضي القضاة شمس الدين عبد الله المذكور بين الحاضرين ، وقال السيد لأرباب الأملاك : ولا يحلّ لأحد أن ينازعهم في أملاكهم ، ومن استحل ما قد حرم الله فقد كفر ، فغضب السلطان غضبا شديدا وتغير لونه ، ثم قال : أنا أكفر؟ انظروا لكم سلطانا غيري!. وكان الذي حمل القاضي على هذا الكلام مخافة الله وخشيته وألقى الله تعالى على خاطره هذه الآية الكريمة : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) الآية ، وانفض المجلس على وحشة من السلطان ، فلما كان الليل أرسل السلطان طلب القاضي ، فخاف وأوصى وودع أهله وراح إلى السلطان وفي ذهنه أنه لا يعود ، فلما دخل قام السلطان وعظمه وقال : يا قاضي تكفرنا اليوم؟ فقال : يا مولانا أنا ما خصصت مولانا السلطان بهذا الكلام ، ولكن كل من استحل ما حرم الله فقد كفر ، فقال السلطان لحاشيته : القاضي كما هو يكفرنا ، وخلع عليه ورجع إلى بيته مجبورا معظما. قال البرزالي في المنتقى : وأجاز لي جميع مروياته ، وتوفي في يوم الجمعة الثامن من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، ودفن بسفح قاسيون انتهى. وقد مرت ترجمة ابن عطاء هذا من كلام الذهبي في المدرسة الخاتونية الجوانية ، ومن كلام ابن كثير في المدرسة الظاهرية ، وقد تقدم في المدرسة القيمرية الشافعية أن القاضي شمس الدين أبا الحسن علي بن محمود الشهرزوري الكردي الشافعي مدرس القيمرية قال بدار العدل بحضرة الملك الظاهر عندما احتاط على الغوطة : الماء والكلأ والمرعى لله لا يملك ، وكل من بيده فهو له ، فبهت السلطان لكلامه وانفصل الموعد انتهى. وقال الذهبي في التاريخ المختصر في سنة ست وستين وستمائة : وفيها كانت الصقعة العظمى على الغوطة يوم ثالث نيسان إثر حوطة السلطان عليها ، ثم صالح أهلها على ستمائة ألف