المشهور بوصل ما كان مقطوعا وأعزّ من كان مفردا ، وحمى ضعيف قلوبهم من الاضطراب حتى غدت ثابتة الأفكار ، وعدد موازين نظرهم حين رجحت بفضلهم المبين بشواهد الاعتبار ، وأنجز لهم من صادق وعده علوّ قدرهم المرفوع ، وأطاب بألسنة الأقلام وأفواه المحابر مشافهة ثنائهم المسموع ، وجعل شرفهم موقوفا عليهم وشرف من عداهم من جملة الموضوع ، أحمده على حديث نعمه الحسن المتصل المسلسل ، وتواتر مننه التي يرفع بها تدليس كل أمر معضل ، ومزيد كرمه الذي عمّ المختلف والمؤتلف ، فلا ينقطع ولا يوقف على أن يطل وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة اتخذها لسعي الخير منهجا ، وآنس بها يوم أمسي في جانب اللحد غريبا وفي طيّ الأكفان مدرجا ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أنصح من جاء عن ربه مرسلا ، وأفصح من خاطب بوحيه حتى أمسى جانب الشرك متروكا مهملا ، الذي رمى قلوب الأعداء وخشومهم بالتجريح ، وطاعن بالعوالي حتى استقام وقوي متن الدين الصحيح ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين أبادوا المنكر ، وأربى على المتفق والمختلف سنا مجدهم الأكبر ، صلاة معتبرة الإفراد دالة على أنهم في فضل الدنيا والآخرة نعم السادة الأفراد انتهى.
وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة إحدى وستين وسبعمائة : وفي الثالث المحرم مات شيخنا بقية الحفاظ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي العلائي الدمشقي ثم المقدسي الشافعي مدرّس المدرسة الصلاحية وغيرها بالقدس عن سبع وستين سنة ، وروى عن القاضي تقي الدين سليمان الحنبلي وطبقته وأكثر. وكان إماما في الفقه والنحو والأصول ، مفتنا في علوم الحديث ومعرفة الرجال ، علامة في المتون والأسانيد ، ومصنفاته تنبىء عن إمامته في كل فن ، توفي رحمهالله تعالى ببيت المقدس وولي بعده تدريس الصلاحية ابن الخطيب العلامة ابن جماعة (١) ومشيخة التنكزية شهاب الدين محمود (زاد الأسدي بالهامش) قال شيخنا بتفويض منه متقدم ودرّس بها
__________________
(١) شذرات الذهب ٦ : ٣١١.