وفد استخرت الله تعالى في جمع كتاب في ضبط الأماكن التي وقفها بدمشق ساق الله تعالى الخير على يديه ووقفوا على ذلك أوقافا دارّه ، تدرّ كل حين على حكم ما وقفوها عليه إعانة لنشر علم علماء الشريعة الغراء ، ومآخذها الزهراء ، جزاهم الله تعالى أحسن الجزاء ، وجعل حظهم في الآخرة موفور الأجزاء ، وأتقى مقاصدهم على مدى الدهر بعمارة وقفهم إلى يوم الدين بمحمد وآله وصحبه وحزبه المفلحين آمين.
وسميته تنبيه الطالب وإرشاد الدارس لأحوال مواضع الفائدة بدمشق كدور القرآن والحديث والمدارس ، وما يلتحق بذلك من الربط والخوانق والترب والزوايا من بيان أماكنها ، وأوقاف إنشائها ، وتراجم واقفيها ، وذكر أوقافهم وشروطهم ، إن وقع لي ذلك لما في ذلك من المزايا مرتبا لذكر الأماكن المذكورة على حروف المعجم على ترتيب كل نوع منها كما تقدم. وهو أني أذكر دور القرآن ، ثم دور الحديث ، ثم مدارس الأئمة الأربعة ، لكني أبدأ بمدارس أئمتنا الشافعية ثم الحنفية ثم المالكية ثم الحنابلة ، ثم أذكر مدارس الطب ، ثم الربط ، ثم الخوانق ، ثم الترب ، ثم الزوايا ، وأذكر تراجم المتصدرين بكل واحدة منها من حين أنشئت واحدا بعد واحد إلى آخر وقت ما أدركته ، حسبما اطلعت عليه في ذلك كله من كلام الائمة ، وحسبما رأيته وحققته. وأما الجوامع والمساجد فهي كثيرة جدا لا يسعني ذكرها في هذا الكتاب ، وإن مدّ الله تعالى في العمر أفردتها في مجلد من كلام الحافظ ابن عساكر ومن بعده إلى آخر وقت مع الاسهاب والاطناب. والله سبحانه وتعالى أسأل أن يسهل علي تيسير كل عسير ، إنه على كل شيء قدير.