بعد أن وقفها دار حديث وخانقاه. وكان قد انتقل إلى دمشق وأقام بها بهذه الدار مدة ، وكانت قديما تعرف بدار ابن قوام بناها من حجارة منحوتة كلها ، وكان السامري كثير الأموال حسن الأخلاق ، معظما عند الدولة ، جميل المعاشرة له أشعار رائقة ومبتكرات فائقة. توفي رحمهالله تعالى يوم الاثنين ثامن عشر شعبان سنة ست وتسعين وستمائة ، وقد كان له حظوة ببغداد عند الوزير ابن العلقمي (١) وامتدح المستعصم (٢) وخلع عليه خلعة سوداء سنية. ثم قدم دمشق في أيام الناصر صاحب حلب فحظي عنده أيضا ، فسعى فيه أهل الدولة فصنف فيهم أرجوزة فتح عليهم بسببها باب مصادرة الملك لهم بعشرين ألف دينار ، فعظموه جدا وتوسلوا به إلى أغراضهم. وله قصيدة في مدح النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقد كتب عنه الحافظ الدمياطي شيئا من شعره قال ذلك كله ابن كثير في سنة ست وتسعين ، بعد أن قال في سنة ست وثمانين وستمائة : وفيها استدعى سيف الدين السامري من دمشق إلى الديار المصرية ليشتري منه ربع قرية حزرما الذي اشتراه من بنت الملك الأشرف موسى فذكر لهم أنه أوقفه ، وقد كان المتكلم في ذلك علم الدين الشجاعي ، وكان قد استنابه الملك المنصور بديار مصر ، وجعل يتقرب إليه بتحصيل الأموال فقرر لهم ناصر الدين محمد ابن أبي عبد الله عبد الرحمن المقدسي (٣) أن السامري اشترى هذا من بنت الأشرف وهي غير رشيدة وأثبت سفهها على زين الدين بن مخلوف (٤) وأبطل البيع من أصله واسترجع على السامري بمغل عشرين سنة مائتي ألف درهم ، أخذوا منه حصة من الزنبقية قيمتها سبعون ألفا وعشرة آلاف مكملة ، وتركوه فقيرا على برد الديار ثم أثبتوا رشدها واشتروا منها تلك الحصص بما أرادوا ثم أرادوا أن يستدعوا الدماشقة واحدا بعد واحد ويصادروهم ، وذلك أنه بلغهم أن من ظلم بالشام لا يفلح وأن من ظلم بمصر أفلح وطالت مدته ، فكانوا يطلبونهم إلى مصر أرض الفراعنة والظلم ويفعلون بهم ما أرادوا انتهى.
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٢٧٢.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ٢٧٠.
(٣) شذرات الذهب ٥ : ٤٠٨.
(٤) شذرات الذهب ٦ : ٤٩.