النابلسي الحافظ شيخ دار الحديث النورية بدمشق ، وكان عالما بصناعة الحديث حافظا لأسماء الرجال ، اشتغل عليه في ذلك الشيخ محيي الدين النواوي رحمهماالله تعالى. وتولى بعده مشيخة النورية تاج الدين الفزاري. وكان الشيخ زين الدين حسن الأخلاق ، فكه النفس كثير المزاج على طريقة المحدثين. وكان قد رحل إلى بغداد واشتغل بها وسمع الحديث ، وكان فيه خير وصلاح وعبادة ، وكانت جنازته حافلة ، ودفن بمقابر باب الصغير انتهى.
وقال الصفدي : خالد بن يوسف بن سعد بن الحسن بن مفرج بن بكار الحافظ المفيد زين الدين أبو البقاء النابلسي ثم الدمشقي ، ولد بنابلس سنة خمس وثمانين وتوفي سنة ثلاث وستين وستمائة ، وقدم دمشق ونشأ بها ، وسمع من القاسم بن عساكر ومحمد بن الخصيب (١) وابن طبرزد وحنبل وطائفة ، وسمع ببغداد من الأخضر (٢) وابن شنيف (٣) ، وكتب وحصل الأصول النفيسة ، ونظر في اللغة والعربية ، وكان إماما ذكيا فطنا ظريفا ، حلو النادرة ، لطيف المزاح ، وكان يعرف قطعة كبيرة من الغرائب والأسماء ، والمختلف والمؤتلف ، وله حكايات متداولة بين الفضلاء ، وكان الناس يحبونه ، وكذلك الملك الناصر كان يحبه ويكرمه ، روى عنه الشيخ محيي الدين النواوي والشيخ تاج الدين الفزاري وأخوه الخطيب شرف الدين وتقي الدين بن دقيق العيد والبرهان الذهبي وأبو عبد الله الملقن وجماعة ، وكان ضعيف الكتابة جدا ويعرج من رجله. حدث الشرف الناسخ : أنه كان بحضرة الملك الناصر بن العزيز فأنشد شاعر قصيدة يمدحه فيها ، فقلع الزين خالد المذكور سراويله ، وخلعه على الشاعر ، فضحك الناصر وقال : ما حملك على هذا ، فقال : لم يكن معي ما أستغني عنه غيره ، فعجب منه ووصله ، وولي مشيخة النورية وكان قصيرا شديد السمرة يلبس قصيرا ، ومن شعر قوله :
أيا حسرتا إني إليك وإن نأت |
|
ركابي إلى بغداد ما عشت تائق |
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٦.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ٤٦.
(٣) شذرات الذهب ٥ : ٤٢.