ولو عنت الأقدار قبلي لعاشق |
|
لما عاقني عن حسن وجهك عائق |
وقال أيضا :
يا رب بالمبعوث من هاشم |
|
وصهره والبضعة الطهر |
لا تجعل اليوم الذي لا ترى |
|
عيني تاج الدين من عمري |
انتهى. وتاج الدين الفزاري الذي وليها بعده هو الامام العلامة مفتي الاسلام تاج الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن الشيخ المقري برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري البدري المصري الأصل ، الدمشقي. الفركاح. ولد في شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة ، وسمع البخاري من ابن الزبيدي وسمع من ابن اللتي وابن الصلاح ومن السخاروي (١) وخرّج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس ، وخرج من تحت يده جماعة من القضاة والمدرسين والمفتين وتفقه في صغره على الشيخين ابن الصلاح ، وابن عبد السلام ، وبرع في المذهب وهو شاب ، وجلس للاشتغال وله بضع وعشرون سنة ، وكتب في الفتاوى وقد كمل ثلاثين سنة ، ولما قدم الشيخ النواوي من بلده أحضروه ليشتغل عليه فحمل همه وبعث به إلى المدرسة الرواحية ليحصل له بها بيت ويرتفق بمعلومها ، ولم يشتغل إلى أن مات. وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار. وأعاد بالناصرية أول ما فتحت ، ودرس في المجاهدية ثم تركها.
وقال القطب اليونيني : انتفع به جم غفير ، ومعظم قضاة دمشق وما حولها وقضاة الأطراف تلامذته ، وكان عنده من الكرم المفرط ، وحسن العشرة ، وكثر الصبر والاحتمال ، وعدم الرغبة في التكثير ، والقناعة والايثار ، والمبالغة في اللطف ، ولين الكلمة ، وقلة الأذي ، ما لا مزيد عليه ، مع الدين المتين ، وملازمة قيام الليل ، والورع وشرف النفس ، وحسن الخلق ، والتواضع ، والعقيدة الحسنة في الفقراء والصالحين ، وزيارتهم له ، وله تصانيف مفيدة تدل
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٢٢٢.