على محله من العلم ، وتبحره فيه ، وكانت له يد في النظم وفي النثر.
وقال الذهبي : فقيه الشام ، درّس وناظر وصنف ، وانتهت إليه رئاسة المذهب ، وكان من أذكياء العالم ، وممن بلغ رتبة الاجتهاد ، ومحاسنه كثيرة ، وهو أجل ممن ينبه عليه مثلي ، وكان يلثغ بالراء غينا فجلّ من له الكمال ، وكان لطيف اللحية ، قصيرا أسمر حلو الصورة ، مفركح الساقين ، وكان يركب البغلة ، ويحتف به أصحابه ، ويخرج بهم إلى الأماكن النزهة ، ويباسطهم ، وله في النفوس عظمة لدينه ، وتواضعه وخيره ولطفه وجوده ، وكان أكبر من الشيخ النواوي رحمهماالله تعالى بسبع سنين. وكان أفقه نفسا وأذكى قريحة ، وأقوى مناظرة ، من الشيخ محيي الدين بكثير ، ولكن كان الشيخ محيي الدين أنقل للمذهب ، وأكثر محفوظا منه ، وكان قليل المعلوم ، كثير البركة ، وكان مدرس البادرائية ، ولم يكن في يده سواها إلا ما له على المصالح.
وقال الذهبي في المعجم المختص : شيخ الاسلام كبير الشافعية جمع تاريخا مفيدا رأيته أنا وسمعت كلامه في حلقة إقرائه ، وكان بينه وبين النواوي وحشة كعادة النظراء ، وله في تاريخه عجائب ، توفي رحمهالله تعالى بالبادرائية في جمادى الأولى سنة تسعين وستمائة ، ودفن بمقبرة باب الصغير في القبة البهائية بشمال شرقي أوائل المصلى مصلى العيدين ، ثم وليها الحافظ جمال الدين وهو أيضا ، قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة إحدى وسبعين وستمائة : والشرف ابن النابلسي الحافظ أبي المظفر يوسف بن الحسن بن بدر الدمشقي ، ولد بعد الستمائة وسمع من ابن اللتي (١) وطبقته ، وفي الرحلة من عبد السلام الداهري ، وعمر بن كرم وطبقتهما ، وكتب الحديث الكثير ، وكان فهما يقظا حسن الخلق ، مليح النظم ، ولي مشيخة دار الحديث النورية وتوفي في حادي عشر المحرم انتهى. ثم الجمال بن الصابوني وهو قال الذهبي في عبره : الجمال ابن الصابوني الحافظ أبو حامد محمد بن علي بن محمود شيخ دار الحديث
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ١١٧.