والطيور والجوارح حتى كتب له : أعزّ الله أنصار المقرّ الكريم العالي الأميري ، وفي الألقاب : الأتابكي القائدي ، وفي النعوت : معز الاسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين ، وهذا لم يعهد يكتب عن سلطان النائب ولا غير نائب على اختلاف الوظائف والمناصب ، وكان السلطان لا يفعل شيئا في الغالب حتى يشير إليه ويستشيره فيه ، واعتمد شيئا ما سمعناه عن غيره ، وهو انه كان له كاتب ليس له شغل ولا عمل غير عمل الحساب أي ما يدخل خزانته من الأموال ، امره بحسابه وما يستقر له ، فإذا حال الحول عمل اوراقا بما يجب عليه صرفه من الزكاة ، فيأمر بإخراجه وصرفه إلى ذوي الاستحقاق وزادت امواله وأملاكه ، وعمر الجامع المعروف به بحكر السماق بدمشق ، وأنشأ إلى جانبه تربة وحماما ، وعمر تربة إلى جانب الخواصين لزوجته ، وعمر دار القرآن والحديث إلى جانب داره دار الذهب ، وأنشأ بالقدس رباطا ، وعمّر القدس وساق إليه الماء وأدخله الحرم على باب المسجد الأقصى ، وعمّر به حمامين وقيسارية مليحة إلى الغاية ، وعمر بصفد البيمارستان المعروف به وخانا وغيرهما ، وله بجلجولية خان المنة للسبيل في غاية الحسن ، وبالقاهرة في الكافوري دار عظيمة وحمام وحوانيت وغير ذلك ، وجدّد القنوات بدمشق وكانت مياهها قد تغيرت ، وجدد عمائر المساجد والمدارس ، ووسع الطرقات بها واعتنى بأمرها ، وله في سائر الشام آثار وأملاك وعمائر انتهى ملخصا. وقد بسط أحواله وأموره في نحو نصف كراسة فراجعه. ثم غضب السلطان عليه وجهز للقبض عليه جماعة ، فاستسلم وأخذ سيفه وقيّد خلف مسجد القدم ، وجهز إلى السلطان في ذي الحجة سنة أربعين وسبعمائة ، وتأسف أهل دمشق عليه ، واحتيط على حواصله ، ثم جهز إلى الاسكندرية وحبس بها مدة دون الشهر ، ثم قضى الله تعالى فيه امره ، وصلى عليه اهل الاسكندرية ، وكان قبره يزار ويدعى عنده ، ولما كان في اوائل شهر رجب سنة اربع وأربعين وسبعمائة احضر تابوته من الاسكندرية إلى دمشق ودفن في تربته جوار الجامع المعروف بإنشائه ، ورثاه الصلاح الصفدي رحمهالله تعالى بأبيات طويلة ، ورأيت