حروف نزل عليها القرآن دون أن يبقوا عليها مع أنّها لم تنسخ ولم ترفع؟!
وقصارى القول : إنّنا نربأ بأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكونوا قد وافقوا أو فكّروا فضلاً في أن يتآمروا على ضياع أحرف القرآن الستّة دون نسخ لها ، وحاشا عثمان ـ رضي الله عنه ـ أن يكون قد أقدم على ذلك وتزعّمه ... » (١).
قلت : ومثل هذا كثير ، يجده المتتبّع لكلماتهم وآرائهم في كتب الفقه والحديث والتفسير والقراءات.
وعن الثوري (٢) أنّه قال : « بلغنا أنّ ناساً من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يقرأون القرآن اصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القرآن » (٣).
وقال ابن الخطيب في كتابه ( الفرقان ) (٤) تحت عنوان « لحن
__________________
(١) مناهل العرفان ١ : ٢٤٤.
(٢) سفيان بن سعيد الثوري ، الملقّب عندهم بـ « أمير المؤمنين في الحديث » والموصوف بـ « سيّد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى » وغير ذلك. أنظر ترجمته في حلية الأولياء ٦ : ٣٥٦ ، تهذيب التهذيب ٤ : ١١١ ، تاريخ بغداد ٩ : ١٥١ ، وغيرها.
(٣) الدرّ المنثور ٥ : ١٧٩.
(٤) طبع هذا الكتاب بمطبعة دار الكتب المصرية سنة ١٣٦٧ ـ ١٩٤٨ ، وصاحبه من الكتاب المصريّين المعاصرين ، وهو يشتمل على بحوث قرآنية في فصول تناول فيها بالبحث مسالة القرءآت ، والناسخ والمنسوخ ، ورسم المصحف وكتابته ، وترجمة القرآن إلى اللغات. إلى غير ذلك ، وله في هذا الكتاب آراء وأفكار أهمّها كثرة الخطأ في القرآن ووجوب تغيير رسمه وجعل ألفاظه كما ينطق بها اللسان وتسمعها الآذان ، فطلب علماء الأزهر من الحكومة مصادرة هذا الكتاب ، فاستجابت له وصادرته ، وسنذكر رأينا في خصوص ما ذكره حول خطأ الكتّاب ، في بحوثنا الآتية.