وجه الصواب ، وفي نقل المسلمين جميعاً ذلك ـ قراءة على ماهو به في الخطّ مرسوماً ـ أدلّ دليل على صحّة ذلك وصوابه ، وأن لا صنع في ذلك للكاتب » (١).
وقال الداني : « فإن قال قائل : فما تقول في الخبر الذي رويتمره عن يحيى ابن يعمر وعكرمة مولى ابن عبّاس عن عثمان أنّ المصاحف لمّا نسخت عرضت عليه فوجد فيها حروفاً من اللحن ، فقال : أتركوها فإنّ العرب ستقيمها ـ أو ستعربها ـ بلسانها. إذ ظاهره يدلّ على خطأ في الرسم.
قلت : هذا الخبر عندنا لا يقوم بمثله حجّة ، ولا يصحّ به دليل من جهتين ، إحداهما : أنّه ـ مع تخليط في إسناده واضطراب في ألفاظه ـ مرسل ، لأنّ ابن يعمر وعكرمة لم يسمعا من عثمان شيئاً ، ولا رأياه ، وأيضاً ، فإنّ ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان ، لما فيه من الطعن عليه ، مع محلّة من الدين ومكانه من الإسلام ، وشدّة اجتهاده في بذل النصيحة ، واهتباله بما فيه الصلاح للأمّة. فغير متمكّن أن يقول لهم ذلك وقد جمع المصحف مع سائر الصحابة الأخيار الأتقيار الأبرار نظراً لهم ليرتفع الإختلاف في القرآن بينهم ، ثمّ يترك لهم فيه مع ذلك لحناً وخطأً يتولّى تغييره من يأتي بعده ، ممّن لا شكّ أنّه لا يدرك مداه ولا يبلغ غايته ولا غاية من شاهد. هذا ما لا يجوز لقائل أن يقوله ، ولا يحلّ لأحد أن يعتقده.
فإن قال : فما وجه ذلك عندك لو صحّ عن عثمان؟
قلت : وجهه أن يكون عثمان أراد باللحن المذكور فيه التلاوة
__________________
(١) تفسير الطبري ٦ : ١٩.