بالنسبة إلى ما روي عن عثمان ـ على فرض صحّته ـ : « وجهه أن يكون أراد باللحن المذكور في التلاوة دون الرسم ».
وأجاب ابن أشتة عن هذه الآثار كلّها بأنّ المراد : « أخطأوا في الإختيار وما هو الأولى للجمع عليه من الأحرف السبعة ، لا أنّ الذي كتب خطأ خارج عن القرآن.
فمعنى قول عائشة : « حرّف الهجاء » القي إلى الكاتب هجاء غير ما كان الأولى أن يلقى إليه من الأحرف السبعة ، وكذا معنى قول ابن عبّاس : « كتبها وهو ناعس » يعني : فلم : فلم يتدبّر الوجه الذي هو أولى من الآخر. وكذا سائرها » (١).
وأتعب السيوطي نفسه في هذا المقام ، فإنّه بعد أن أورد الآثار بيّن وجه الإشكال فيها وتصدّى لتأويلها ... ولننفل عبارته كاملة لننظر هل جاء « بما يليق »؟!
قال : « هذه الآثار مشكلة جدّاً ، وكيف يظنّ بالصحابة أولاً : أنّهم يلحنون في الكلام فضلاً عن القرآن ، وهم الفصحاء اللدّ؟! ثمّ كيف يظنّ بهم ثانياً : في القرآن الذي تلقّوه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما انزل ، وحفظوه وضبطوه واتقنوه؟! ثم كيف يظنّ بهم ثالثاً : اجتماعهم كلّهم على الخطأ وكتابته ... ثمّ كيف ظنّ بهم رابعاً : عدم تنبّههم ورجوعهم عنه؟!
ثمّ كيف يظنّ بعثمان : أنّه ينهى عن تغييره؟! ثمّ كيف يظنّ أنّ القراءة استمرّت على مقتضى ذلك الخطأ ، وهو مروي بالتواتر خلفاً عن سلف؟! هذا ممّا يستحيل عقلاً وشرعاً وعادة.
__________________
(١) الإتقان ٢ : ٣٢٩.