وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أجوبة :
أحدها : أنّ ذلك لا يصحّ عن عثمان ، فإنّ إسناده ضعيف مضطرب منقطع ، ولأنّ عثمان جعل للناس إماماً يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحناً ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ، فإذا كان الّذين تولّوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهو الخيار فكيف يقيمه غيرهم؟! وأيضاً : فإنّه لم يكتب مصحفاً واحداً بل كتب عدّة مصاحف.
فإن قيل : إنّ اللحن إن وقع في جميعها فبعيد اتّفاقها على ذلك ، أو في بعضها. فهو اعتراف بصحّة البعض ، ولم يذكر أحد من الناس أنّ اللحن كا في مصحف دون مصحف ، ولم تأت المصاحف قطّ مختلفة إلاّ فيما هو من وجوه القراءة ، وليس ذلك باللحن.
الثاني : على تقدير صحّة الرواية ، فإنّ ذلك محمول على الرمز والإشارة.
الثالث : أنّه مؤوّل على أشياء خالف لفظها رسمها ... وبهاذا الجواب وما قبله جزم ابن اشتة في كتاب « المصاحف ».
وقال ابن الأنباري في كتاب ( الردّ على من خالف مصحف عثمان ) في الأحاديث المرويّة عن عثمان في ذلك : « لا تقوم بها حجّة ، لأنّها منقطعة غير متّصلة ، وما يشهد عقل بأنّ عثمان وهو إمام الامّة الذي هو إمام الناس في وقته وقدوتهم يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام ، فيتبيّن فيه خللاً ويشاهد في خطّه زللاً فلا يصلحه ، كلاّ والله ما يتوهّم عليه هذا ذو إنصاف وتمييز ، ولا يعتقد أنّه أخّر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده ، وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه والوقوف عند حكمه.
ومن زعم ـ أنّ عثمان أراد بقوله : أرى فيه لحناً : أرى في خطّه