ممّا حكاه عن عائشة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله توفي وهنّ ممّا يقرأ من القرآن. لأنّ ذلك لو كان كذلك لكان كسائر القرآن ، ولجاز أن يقرأ به في الصلوات ، وحاشا لله أن يكون كذلك ، أو يكون قد بقي من القرآن ما ليس في المصاحف التي قامت بها الحجّة علينا ... ونعوذ بالله من هذا القول ممّن يقوله.
ولكن حقيقة هذا الحديث عندنا ـ والله أعلم ـ ما قد رواه من أهل العلم عن عمرة من مقداره في العلم وضبطه له فوق مقدار عبدالله بن أبي بكر وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر ... فهذا الحديث أولى من الحديث الذي ذكرناه قبله ... لأنّ محالاً أن يكون عائشة تعلم أن قد بقي من القرآن شيء لم يكتب في المصاحف ، ولا تنبّه على ذلك من اغفله ...
وممّا يدلّ على فساد ما قد زاده عبدالله بن أبي بكر على القاسم بن محمد ويحيى بن سعيد في هذا الحديث : أنّا لا نعلم أحداً من أئمة أهل العلم روى هذا الحديث مع عبدالله بن أبي بكر غير مالك بن أنس. ثمّ تركه مالك فلم يقل به وقال بضدّه ، وذهب إلى أنّ قليل الرضاع وكثيره يحرّم. ولو كان ما في هذا الحديث صحياً أنّ ذلك في كتاب الله لكان ممّا لا يخالفه ولا يقول بغيره » (١).
وقال النحّاس بعد ذكر حديث آية الرضاع : « فتنازع العلماء هذا الحديث لما فيه من الإشكال ، فمنهم من تركه وهو مالك بن أنس وهو راوي الحديث ... وممّن تركه أحمد بن حنبل وأبو ثور ...
وفي الحديث لفظة شديدة الإشكال ، وهو قولها : فتوفي رسول الله
__________________
(١) مشكل الآثار ٣ : ٧ ـ ٨.