وأمرني بإخراج الأبيات إليه ، فلما قرأها قال : والله لأصيرن باطن أمه ظاهرها ، فقلت : لا تعجل ، فإنه مازحك وسترى ، ثم أذن له وخلع عليه وعاشره وأحسن إليه ، وتتابعت صلاته له ، وانصرف وهو أشكر الناس له.
وقد وقعت لي هذه الحكاية مسموعة ، وفيها خلاف لهذه الرواية في مواضع ، وسأوردها في ترجمة محمّد بن موسى إن شاء الله.
أخبرنا أبو الفرج غيث بن علي في كتابه ، وحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن طاهر بن بركات عنه ، أنا أبو طاهر المشرف بن علي بن الخضر بن التّمّار ـ إجازة ـ أنا أبو خازم (١) محمّد بن الحسين بن الفراء ، أنشدني أبو القاسم الحسن بن علي بن أبي (٢) أسامة ـ بحلب ـ أنشدني أبو الحسن سعيد بن يزيد الحمصي ، قال :
دخلت على ديك الجنّ وكنت أختلف إليه ، اكتب عنه شعره ، فرأيته وقد شابت لحيته وحاجباه ، وشعر يديه ، وكانت عيناه خضراوان (٣) ولذلك سمّي ديك الجنّ (٤) ، وقد صبغ لحيته وحاجبه بالزنجار خضرا ، وعليه ثياب خضر ، وكان حسن الغناء بالطنبور ، وبين يديه صينية الشراب وهو يغني بشعر نفسه :
أقصيتموني من بعد فرقتكم |
|
فخبّروني : علام إقصائي؟ |
عذّبني الله بالصدود ، ولا |
|
فرّج عني هموم بلوائي |
إن كنت أحببت حبّكم أحدا |
|
أو كان ذاك الكلام من رائي |
فلا تصدّوا ، فليس ذا حسنا |
|
أن تشمتوا بالصّدود أعدائي |
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل ، أنا أبو القاسم حمزة بن يوسف ، أنا أبو عبد الله بن عدي الجرجاني ، أنا أبو الأعز أحمد بن أحمد بن النجم المصلطي بالموصل ، نا بفصان بن سلامة ، قال : قلنا لأبي تمّام :
لو أنبهت لنا ديك الجن مما هو فيه ولك عشرة آلاف درهم ، قال أبو تمّام : فدخلت عليه وهو مطروح على حصير سكران ، وغلام على رأسه يروّحه ، فلمّا رآني الغلام قال له : مولاي أبو تمّام قال : ويلك حبيب قال : نعم ، فقام فلبّبني ، وقال : أتحسن تقول مثلي (٥) ثم أنشدني :
__________________
(١) بالأصل حازم بالحاء المهملة تصحيف ، والصواب ما أثبت ، مرّ التعريف به.
(٢) كتبت بين السطرين بالأصل.
(٣) بالأصل : خضراوين.
(٤) ديك الجن : دويبة توجد في البساتين (انظر حياة الحيوان للدميري).
(٥) بالأصل : «وقال : الحسن يقول مثلي».