فما غبتم عن ناظري فيراكم |
|
ولم ينسكم قلبي فيحدث تذكار |
لئن عفتم نصري إذا حل حادث |
|
فلي من دموعي في الحوادث أنصار |
وإن غربت شمس النهار فمنكم |
|
شموس بقلبي لا تغيب وأقمار |
ولي فرق باد إذا ما تفرقوا |
|
ولي مدمع جار إذا ما هم جاروا |
وتوجد نفسي حين تلقى عصا النوى |
|
وتفقد إن شدت على العيس أكوار |
وإن يك إقلالا تواصل كتبكم |
|
ففي حسراتي نحوكم لي إكثار |
وما شئوني صاب عن نار مهجتي |
|
فمن تحيري هل يجمع الماء والنار |
نحو لي شهيد عن حنيني إليكم |
|
وإن حضر الأشهاد لم تعق إنكار |
لحد حسام الدهر في مضارب |
|
بدت ولذاك الأثر في القلب آثار |
نفاني عن الأوطان ما لم أبح به |
|
فصرت كفعل ظاهر فيه إضمار |
وكنت كغصن مات يمنع ريه |
|
وقد رويت حولي من الماء أشجار |
فقلت ألا إنّ الممات بغربة |
|
لا فضل عند الضيم والناس أطوار |
وعوّضت من صحبي أناسا بهم غدا |
|
بعيد ذو فضل وبعيد دينار (١) |
فعندهم ذو الفضل من فاق طمره |
|
ترى عند حسن القول تنطق أطيار (٢) |
وأعسر ذا للفتى في حياته |
|
قتير بدا في العارضين واقتار |
وكم نالت الخسران عند طلابها |
|
بصائر في كسب الحظوظ وأبصار |
فإن يغلط الدهر استعدت وصالكم |
|
وإلّا فكيف الوصل والدهر غدّار |
وان نحو ما دار شكوت إليكم |
|
صروفا وإلّا فالقبور لنا دار |
وأنشدني أبو محمّد ، قال : أنشدني أبي يرثي صبيا :
أضرمت نيرانا بغير زناد |
|
فبدا تأججها على الأكباد |
وأتى الطبيب فما شفى لك علّة (٣) |
|
ولطال ما قد كنت تشفي الصاد |
قد كان لي عين وكنت سوادها |
|
فاليوم لي عين بغير سواد |
قال عبد الصمد بن أبي الفرج :
توفي والدي أبو الفرج في آخر شوال سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بحلب.
__________________
(١) في المختصر ١٥ / ١٧٠ يبعد ذو فضل ويعبد دينار.
(٢) في م : ترى عند حسن القول أطمار.
(٣) الأصل وم : «غلة» وما أثبتناه هنا موافق للسياق.