ومن تدنو المسرّة حين يدنو |
|
إليّ به ، وتبعد بالبعاد |
فديتك من أخ برّ شقيق |
|
لنفس صديقه (١) بالنفس فاد |
ذكرت اسمي فرحت به ارتياحا |
|
ينادي : لا عدمتك من منادي |
أتتني منك أبيات حسان |
|
بأعجاز مناسبة الهوادي |
بديعات المعاني رائقات (٢) |
|
تضمّن حسن رأي واعتقاد |
تخبّر عن حنين واشتياق |
|
وتشهد بالمحبّة والوداد |
فبحت بشكر ما أوليت منها |
|
إليّ من الفوارق والأيادي |
وها أنا قد كتبت إليك أشكو |
|
روائح من همومي أو غوادي |
فانعم بالجواب علي إنّي |
|
إليه ، وما تسطّر فيه صادي |
أشر بالأمر أفعله وشيكا |
|
فإنك لم تزل خدن السداد (٣) وإن يك في المقال عليّ نقص |
فأنت حليف فضل مستزاد |
|
وإن أخطأت فيما قلته فيه |
فإنّ علي تغمّدك اعتمادي |
|
فعش متمتعا بالعمر واسلم |
على الأيام مسرور الفؤاد |
|
ولا تعدم خلائق مكرمات |
سبقت بها الورى سبق الجواد |
سمعت أبا طاهر الفقيه الحموي يثني على عبد الكريم هذا ويصفه بالديانة والكرم.
وقال لي أخوه أبو اليسر : كان مرضه عشرة أيام بالسّعال ونفث (٤) الدم العبيط ، ومات ميتة سهلة ، قال لي : قد وجدت الساعة راحة عظيمة ، ولذة تشبه لذة النوم ، ولم يبق عندي ألم من شيء ، فقلت له : فعن إذنك أمضي إلى المسجد الجامع فأصلّي الجمعة وأعود إليك ، قال : نعم ، فمضيت ، فأدركتني امرأة فقالت : أدرك أخاك فقد أشخص (٥) ، فعدت إليه ، فقضى نحبه وقت الظهر من يوم الجمعة السابع من شهر ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وخمسمائة ، ودفن بجبل قاسيون.
__________________
(١) الأصل وم : صديقة.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر ١٥ / ١٧٨ رائعات.
(٣) الأبيات الأربعة التالية وردت في م باختلاف بعض الألفاظ من جملة أبيات قصيدة أبي اليسر ، وقد أشرنا إليها وأثبتناها بالحاشية قريبا ، راجعها.
(٤) بدون إعجام بالأصل والمثبت عن م.
(٥) شخص الرجل ببصره عند الموت يشخص شخوصا : رفعه فلم يطرف.