رأيت عبد الرّحمن بن أبي ليلى وقد ضربه الحجاج وكأنّ ظهره (١) مسح وهو متكئ على ابنه وهم يقولون له : العن الكذابين ، فيقول : لعن الله الكذابين ، ثم يقول : الله ، الله ، عليّ بن أبي طالب عبد الله بن الزبير ، المختار بن أبي عبيد. قال الأعمش : وأهل الشام حوله كأنهم حمير لا يدرون ما يقول (٢) ، وهو يخرجهم من اللعن.
أخبرنا أبو علي الحدّاد ، أنا أبو نعيم (٣) ، نا محمّد بن أحمد بن الحسن ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا يزيد بن مهران ، نا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، قال :
رأيت عبد الرّحمن بن أبي ليلى مجلودا (٤) على المصطبة وهم يقولون له : العن الكذابين ، وكان رجلا ضخما به ربو ، فقال : اللهم العن الكذابين ـ آه ، ثم يسكت ـ عليّ ، وعبد الله بن الزبير ، والمختار.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو عبد الله البلخي ، قالا : أنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، وثابت بن بندار ، قالا : أنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر ، وابن عمّه أبو نصر محمّد بن الحسن ، قالا : أنا الوليد بن بكر ، أنا علي بن أحمد بن زكريا ، أنا صالح بن أحمد ، حدثني أبي قال :
كان عبد الرّحمن بن أبي ليلى من أصحاب علي بن أبي طالب ، وكان الحجاج ضربه ، وأوقعه على المصطبة ، وقيل له : العن عليا ، فكان يقول : اللهم العن الكذابين ، ثم يسكت ، عليّ بن أبي طالب ، يرفعه لئلا يقع عليه اللعن ، وعبد الله بن الزبير ، والمختار بن عبيد ، وكان عبد الرّحمن يروي عن عمر ، وعلي ، وعبد الله ، وأبيّ ، وكان خرج مع ابن الأشعث ، وقتل بدجيل.
وقال محمّد : ـ يعني ابنه ـ لا أعقل من شأن أبي شيئا إلّا أني أعرفه كانت له امرأتان ، وكان له حبّان (٥) أخضران فيبيت عند هذه يوما ، وعند هذه يوما.
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن محمّد بن محمّد بن مخلد ، أنا علي بن
__________________
(١) في المعرفة والتاريخ : وكان يحضره شيخا.
والمسح : كساء من شعر.
(٢) في سير أعلام النبلاء : يقصد.
(٣) الخبر في حلية الأولياء ٤ / ٣٥١.
(٤) في م والحلية : محلوقا.
(٥) اللفظة بدون إعجام بالأصل ، وفي م : «جنان» ولعل الصواب ما رسمناه والحبان تثنية حب ، وهو الجرة الضخمة والخابية.