في كون الصلاة على النبيّ أفضل أم البراءة من ظالمي آل محمّد ، فقال في جوابه : بل البراءة من ظالمي آل محمّد أفضل ، فجعل يقيم له البراهين والأدلّة ، والعالم التركماني يردّ عليه بما عنده من الأدلّة ، فكلّ واحد منهما يريد إفحام صاحبه ، فحكّما السيّد بحر العلوم في ذلك فأتياه إلى باب داره قدسسره فسألاه ما جرى بينهما ، فتغيّر بحر العلوم ونظر إليهما شزرا وتكلّم نحو كلام رجل مغضب وقال : من يجوّز لكم السبّ والبراءة؟ قالها ثلاثا ودخل الدار وسدّ الباب وطردهما.
أقول : ولعمري هذه كرامة باهرة.
وحدّث العلّامة النوري في مستدرك الوسائل (١) قال : حدّثني العالم الصالح الثقة السيّد محمّد بن العالم السيّد هاشم الهندي المجاور في المشهد الغروي ، عن العالم الصفي الشيخ باقر بن الشيخ هادي ، عن العالم التقي الورع الشيخ تقي ملّا كتاب تلميذ السيّد بحر العلوم ، قال : سافر السيّد إلى كربلا ومعه جماعة يتبعونه غالبا في أسفاره منهم الشيخ تقي حاكي القصّة ، قال : وكانت القافلة التي فيها السيّد تمشي في ناحية ورجل آخر يمشي لنفسه ، وكلّما نزل السيّد في موضع نزل ذلك الرجل في موضع منفردا ، وكلّما رحل السيّد رحل ذلك الرجل.
فالتفت السيّد إليه ونحن سائرون ، فأومأ إليه ، فقدم الرجل وقبّل يدي السيّد ، وجعل السيّد يسأله عن رجال وصبية ونساء يسمّيهم كلّهم بأسمائهم من أهل بيت ذلك الرجل ومن جيرانه حتّى سأله عمّن يقرب من أربعين نفسا والرجل يجيبه عنهم مستبشرا وهو غريب ليس من شكل أهل العراق ولا من لهجتهم في اللسان ، فسألنا السيّد ، فقال : هو من أهل اليمن ، فقلنا : متى سكنت في اليمن حتّى عرفت هؤلاء؟ فأطرق رأسه فقال : سبحان الله! لو سألتني عن الأرض شبرا شبرا لأخبرتك بها.
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٣ : ٣٨٤.