والملاك في كلّ ذلك اقتلاع رذيلة الحرص والجشع والغلبة والاستئثار والحسد والتنافس فإنّ هذه الرذائل سلسلة شقاء وحلقات بلاء يتصل بعضها ببعض ويجرّ بعضها إلى بعض حتّى تنتهي إلى هلاك الأمّة التي ستغلغل فيها ثمّ تهوي بها إلى أحطّ مهاوي الشقاء والتعاسة. والبذرة الأولى لكلّ تلك الثمار المونقة هو حبّ الإثرة وقد قيل : الاستئثار يوجب الحسد ، والحسد يوجب البغضاء ، والبغضاء يوجب الاختلاف ، والاختلاف يوجب الفرقة ، والفرقة توجب الضعف ، والضعف يوجب الذلّ ، والذلّ يوجب زوال النعمة وهلاك الأمّة.
والتاريخ يحدّثنا والعيان والوجدان يشهدان لنا شهادة حقّ أنّه حيث تكون تلك السخائم والمآثم فهناك فناء الأمم وموت الهمم وفشل العزائم وتلاشى العناصر ، هناك الاستعباد والاستثمار والهلكة والبوار وتغلّب الأجانب وسيطرة العدوّ. أمّا حيث تكون الآراء مجتمعة والأهواء مؤتلفة والقلوب متآلفة والأيدي مترادفة والبصائر متناصرة والعزائم متوازرة فلا القلوب متضاغنة والصدور متشاحنة ، ولا النفوس متدابرة ، ولا الأيدي متخاذلة ، فهناك العزّ والبقاء والعافية والنعماء والقهر والقوّة والملك والثروة والكرامة والسطوة. هنالك يجعل الله لهم من مضائق الأمور فرجا ، وفي حلقات السوء مخرجا ، ويبدلهم العزّ مكان الذلّ ، والأمن مكان الخوف فيصبحوا ملوكا حكّاما وأئمّة أعلاما ، انتهى كلامه دام وجوده.
حديث في الاتحاد
في التفسير المنسوب إلى الإمام أبي محمّد العسكري عليهالسلام روى عن آبائه عن زين العابدين عليهمالسلام قال للزهري : يا زهري ، ما عليك إلّا أن تجعل المسلمين بمنزلة أهل بيتك فتجعل كبيرهم بمنزلة والدك ، وصغيرهم بمنزلة ولدك ، وتجعل تربك بمنزلة