وقال الجزري أيضا في سنة خمس وأربعين وأربعمائة : في المحرّم زادت الفتنة بين أهل الكرخ وغيرهم من السنّة ـ إلى أن قال : ـ وجرى بينهم قتال شديد وطرح الأتراك النار في أسواق الكرخ فاحترق كثير منها وألحقتها بالأرض وانتقل كثير من أهل الكرخ إلى غيرها .. الخ.
وقال في حوادث سنة ٤٨٢ ص ٦٠ : وفي جمادى الأولى كثرت الفتن ببغداد بين أهل الكرخ وغيرها من المحال وقتل منهم عدد كثير واستولى أهل المحال على قطعة كبيرة من نهر الدجاج فنهبوها وأحرقوها فنزل شحنة بغداد على دجلة في خيل ورجله ليكفّ الناس عن الفتنة فلم ينتهوا.
إلى أن قال : حتّى قبل أهل الكرخ بحضور الجماعة والجمعة والتديّن بمذهب أهل السنّة وكتب أهل الكرخ على أبواب مساجدهم : خير الناس بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله أبو بكر ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ عليّ .. الخ.
ونظائرها خارج عن الحدّ والإحصاء ، ومنذ سطرت هذه العصبيّات الباردة على المسلمين ذهب بسيادتهم وأفنى كيانهم وجعلهم أذلّاء صاغرين تحت أيدي الأجانب تعركهم عرك الأديم وتدوسهم دوس الحصيد.
الدعوة إلى الاتحاد
نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم حيث قال : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(١) ، ويكفي في المقام ما جاء في كتاب أصل الشيعة وأصولها للعلّامة الخبير المصلح الأعظم الشهير حجّة الإسلام الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء متّع الله المسلمين بطول بقائه ، قال دام وجوده :
__________________
(١) آل عمران : ١٠٣.