فسمع أبياتها المعتمد فرقّ لها فقال لها : لا تحزني إنّي أرسلك إلى أهلك ووطنك ولم ينقص من حظّك شيئا ، فأرسلها مع تجمّلها وكانت تحت نكاح المعتمد وكان إذا أراد الصيد يذهب إلى بادية فيها الأعرابيّة.
أقول : اتفق مثل ذلك ليزيد بن معاوية فإنّه تزوّج بإمرأة بدويّة وأسكنها في قصره مع ثياب فاخرة ونعمة وافرة ، فأنشأت الأعرابيّة تقول :
للبس عباءة وتقرّ عيني |
|
أحبّ إليّ من لبس الشفوف |
وبيت تخفق الأرياح فيه |
|
أحبّ إليّ من قصر منيف |
سامرّاء أحبّ البقاع عند الحجّة عليهالسلام
روى ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني رحمهالله في الكافي بإسناده عن عليّ بن محمّد ، عن أبي محمّد الوجنائي أنّه أخبر عمّن رآه عليهالسلام ، قال : خرج من الدار قبل الحادث بعشرة أيّام وهو يقول : اللهمّ إنّك تعلم أنّها أحبّ البقاع عندي لو لا الطرد ، أو كلام نحو هذا.
قال المجلسي رحمهالله في شرح هذا الحديث : لعلّ المراد بالحادث وفاة أبي محمّد عليهالسلام والضمير في أنّها راجع إلى سامرّاء ، انتهى.
والذي يقوي في النظر أنّ المراد بالحادث قتل أكابر الأتراك في سامرّاء وشغب الجند وظهور صاحب الزنج حتّى آل الأمر إلى انحلال سامرّاء ـ كما عرفت في محلّه من المجلّد الأوّل ـ ولا غرو أن تكون سامرّاء أحبّ البقاع عند الحجّة عجّل الله فرجه ؛ لأنّ حبّ الوطن من الإيمان.