أقول : ومن عجيب أمر هؤلاء أنّهم يكفّرون من أحرق قبور الظالمين لآل محمّد الغاصبين حقوقهم المدفونين في دارهم بغير إذنهم المنهمكين في الملاهي والمناهي مدّة حياتهم كما ستعرف ذلك في الأجزاء الآتية بصورة تفصيليّة ولا يكفّرون من أحرق مشهد الجوادين صلىاللهعليهوآله وخرّب قبور أئمّه البقيع وسائر قبور عباد الله الصالحين ، وتقدّم في الجزء الأوّل أنّ الوالي سأل العلماء عن صفة دار العسكريّين عليهماالسلام عند ظهور التابوتين لمّا حفروا الأساس وأجابوه أنّها ملك لهما ، فقال الوالي .. الخ.
مساوي العصبيّة وتخريب مشهد الجوادين عليهماالسلام وإحراقه
وقال ابن الأثير الجزري في حوادث سنة ٤٤٣ من كامله ص ١٩٩ : وفي هذه السنة في صفر تجدّدت الفتنة ببغداد بين السنّة والشيعة وعظمت أضعاف ما كان قديما ، وكان سبب هذه الفتنة أنّ أهل الكرخ شرعوا في عمل باب السمّاكين وأهل القلائين في عمل ما بقي من باب مسعود ، ففرغ أهل الكرخ وعملوا أبوابا كتبوا عليها بالذهب «محمّد وعليّ خير البشر» وأنكر السنّة ذلك وادّعوا أنّ المكتوب محمّد وعليّ خير البشر ؛ فمن رضي فقد شكر ومن أبى فقد كفر ، وأنكر أهل الكرخ الزيادة وقالوا : ما تجاوزنا ما جرت به عادتنا فيما نكتبه على مساجدنا.
فأرسل الخليفة القائم بأمر الله أبا تمام نقيب العبّاسيّين ونقيب العلويّين وهو عدنان ابن رضي لكشف الحال ، فكتب بتصديق قول الكرخيّين ، فأمر حينئذ الخليفة نوّاب رحيم بكفّ القتال فلم يقبلوا ، وانتدب ابن المذهب القاضي والزهيري وغيرهما من الحنابلة أصحاب عبد الصمد بحمل العامّة على الإغراق في الفتنة ، فأمسك النوّاب الملك رحيم من كفّهم غيضا من رئيس الرؤساء لميله إلى الحنابلة ومنع هؤلاء السنّة من حمل الماء من دجلة إلى الكرخ ، وكان نهر عيسى قد