عليهما فيما قيل أكثر من ألفي ألف دينار ، وجمع فيه القرّاء فقرأوا وأحضر أصحاب الملاهي فوهب لهم ألفي ألف درهم وكان يسمّيها هو وأصحابه الخاصّة المتوكليّة ، وبنى فيها قصرا سمّاه اللؤلؤ لم ير مثله في علوّه ، وأمر بحفر نهر يأخذ رأسه خمسة فراسخ فوق الماحوزة من موضع يقال لها كرمي ، يكون شربا لما حولها من فوه النهر إليها ، وأمر بأخذ جبلتا والخصاصة العليا والسفلى وكرمي ، وحمل أهلها على بيع منازلهم وأراضيهم ، وأجبروا على ذلك حتّى تكون الأراضي والمنازل في تلك القرى كلّها له ، ويخرجهم عنهما ، وقدّر للنهر من النفقة مأتي ألف دينار ، وصيّر النفقة عليه إلى دليل بن يعقوب النصراني الكاتب.
وبغا التركي في ذي الحجّة سنة ٢٤٥ وألقي في حفر النهر اثنى عشر ألف رجل يعملون فيه ، فلم يزل دليل بن يعقوب يعتمل فيه ويحمل المال بعد المال ويقسّم عامّته في الكتّاب حتّى قتل المتوكّل فبطل النهر وأخربت الجعفريّة ونقضت ولم يتمّ أمر النهر ، فاستوحش الناظر إليها ولم ير فيها إلّا البوم والصدا ، وقد أشار بذلك العلّامة السماوي في وشائح السرّاء بقوله :
وتركوا الرياض والقصورا |
|
يحكي صدى الوحش لديها الصورا |
لم تر إلّا آسفا ونادما |
|
وناقلا أثاثه وهادما |
تخوّفا من صولة الفراغنه |
|
والترك إذ كانوا بها فراعنه |
حيث إلى بغداد عاد المعتضد |
|
وعاف سامرّا وما بها انتضد |
تضجّرا ممّا جنى الأتراك |
|
ومن مع الترك له اشتراك |
إحراق قبور الخلفاء في سامرّاء
سيأتي في محلّه أنّ المعتصم والواثق والمتوكّل والمنتصر والمستعين والمعتزّ والمهتدي والمعتمد قبورهم كانت بسرّ من رأى في قبلة سرداب الغيبة ، فأحرقها