هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟ قالوا : هم من الشرفاء أرباب الغنم؟ فقلت : بل هو الإمام ، فقالوا : الإمام هو الشيخ أو صاحب الفرجيّة؟ فقلت : هو صاحب الفرجيّة ، فقالوا : أريته المرض الذي فيك؟ فقلت : هو قبضه بيده وأوجعني ، ثمّ كشفت رجلي فلم أر لذلك المرض أثرا ، فتداخلني الشكّ من الدهش فأخرجت رجلي الأخرى فلم أر شيئا ، فانطبق الناس عليّ ومزّقوا قميصي.
فأدخلني القوام خزانة ومنعوا الناس عنّي ، وكان الناظر بين النهرين بالمشهد فسمع الضجّة وسأل عن الخبر ، فعرّفوه ، فجاء إلى الخزانة وسألني عن اسمي وسألني منذكم خرجت من بغداد ، فعرّفته أنّي خرجت في أوّل الأسبوع ، فمشى عنّي وبتّ في المشهد وصلّيت الصبح وخرجت وخرج الناس معي إلى أن بعدت عن المشهد ورجعوا عنّي ، ووصلت إلى أوانا فبتّ بها وبكّرت منها أريد بغداد ، فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة يسألون كلّ من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان ، فسألوني عن اسمي ومن أين جئت ، فعرّفتهم ، فاجتمعوا عليّ ومزّقوا ثيابي ولم يبق في روحي حكم. وكان الناظر بين النهرين كتب إلى بغداد وعرّفهم الحال ، ثمّ حملوني إلى بغداد وازدحم الناس عليّ وكادوا يقتلونني من كثرة الزحام ، وكان الوزير العلقمي قد طلب السعيد رضي الدين ليعرف صحّة الخبر.
قال : فخرج رضي الدين عليّ بن طاوس ومعه جماعة فوافينا باب النوبي فردّ أصحابه الناس عنّي ، فلمّا رآني قال : أعنك يقولون؟ قلت : نعم ، فنزل عن دابّته وكشف فخذي فلم ير شيئا ، فغشي عليه ساعة وأخذ بيدي وأدخلني على الوزير وهو يبكي ويقول : يا مولاي ، هذا أخي وأقرب الناس إلى قلبي ، فسألني الوزير عن القصّة فحكيت له ، فأحضر الأطبّاء الذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها ، فقالوا : ما دواؤها إلّا القطع بالحديد ومتى قطعناها يموت. فقال لهم الوزير : فعلى تقدير أن يقطع ولا يموت في كم تبرأ؟ فقالوا : في شهرين ، ويبقى في مكانها حفيرة