لأصلينّ من عاداك أشدّ عذابي وإن وسعت عليه في دنياه من سعة رزقي ، فإذا انقطع صوت المنادي أجابه هو واضعا يده رافعا رأسه إلى السماء يقول : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(١). قال : فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأوّل والآخر (٢) ، واستحقّ زيارة الروح في ليلة القدر.
قلت : جعلت فداك ، الروح ليس هو جبرئيل؟ قال : الروح أعظم من جبرئيل ، إنّ جبرئيل من الملائكة وإنّ الروح هو خلق أعظم من الملائكة ، أليس يقول الله تبارك وتعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ)؟
ولنعم ما قيل من أبيات :
هم القوم آثار النبوّة فيهم |
|
تلوح وأنوار الإمامة تلمع |
مهابط وحي الله خزّان علمه |
|
وعندهم سرّ المهيمن مودع |
وإن برزوا فالدهر يخفق قلبه |
|
لسطوتهم الأسد في الغاب تجزع |
وإن ذكر المعروف والجود في الورى |
|
فبحر نداهم ذاخر يتدفّع |
فمن مثلهم إن عدّ في الناس مفخر |
|
أعد نظرا يا صاح إن كنت تسمع |
ميامين قوّامون عزّ نظيرهم |
|
هداة ولاة للرسالة منبع |
فلا فضل إلّا حين يذكر فضلهم |
|
ولا علم إلّا علمهم حين يرفع |
ولا عمل ينجي غدا غير حبّهم |
|
إذا قام يوم البعث للخلق مجمع |
__________________
(١) آل عمران : ١٨.
(٢) قال المجلسي : ولعلّ المراد بالعلم الأوّل علوم الأنبياء والأوصياء السابقين ، والعلم الآخر علوم خاتم الأنبياء. أو المراد بالعلم الأوّل العلم بأحوال المبدأ وأسرار التوحيد ، وعلم ما مضى وما هو كائن في النشأة الأولى والشرايع والأحكام ، وبالآخر العلم بأحوال المعاد والجنّة والنار وما بعد الموت من أحوال البرزخ وغير ذلك ، والأوّل أظهر.