(٥) إنّه تعالى ذمّ إبليس وحزبه ومن سلك سبيله في إضلال الناس عن الدين وصرفهم عن الحقّ ، وأمر عباده ورسوله بالاستعاذة منهم بقوله تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) إلى قوله : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ)(١) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)(٢) ، (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ)(٣) ، (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(٤) فلو كان الله تعالى يضلّ عباده عن الدين كما تضلّ الشياطين لاستحقّ من المذمّة مثل ما استحقّوه ولو وجب الاستعاذة منه كما وجب منهم لوجب أن يتّخذوه عدوّا من حيث أضلّ أكثر خلقه كما وجب اتّخاذ إبليس عدوّا لأجل ذلك قالوا بل خصّيصيّة الله في ذلك أكثر إذ تضليل إبليس سواء وجوده وعدمه فيما يرجع إلى حصول الضلال بخلاف تضليل الله فإنّه هو المؤثّر في الضلال فيلزم من هذا تنزيه إبليس عن جميع القبايح وإحالتها كلّها على الله تعالى فيكون الذمّ منقطعا بالكلّيّة عن إبليس وعائد إلى الله سبحانه وتعالى عن قول الظالمين.
(٦) إنّه تعالى أضاف الإضلال عن الدين إلى غيره وذمّهم لأجل ذلك ، فقال : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى)(٥) ، (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ)(٦) ، (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ)(٧) ، (إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ)(٨) ، وقوله تعالى حاكيا عن إبليس : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ
__________________
(١) الناس : ١ ـ ٤.
(٢) الفلق : ١.
(٣) المؤمنون : ٩٧.
(٤) النحل : ٩٨.
(٥) طه : ٧٩.
(٦) طه : ٨٥.
(٧) الأنعام : ١١٦.
(٨) ص : ٢٦.