رسولا على رجل من القريتين عظيم ؛ إمّا الوليد بن المغيرة بمكّة ، وإمّا عروة بن مسعود الثقفي بالطائف؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هل بقي من كلامك شيء يا عبد الله؟
فقال : بلى ، لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكّة هذه ، فإنّها ذات أحجار وعرة وجبال ، تكسح أرضها وتحفرها وتجري فيها العيون ، فإنّنا إلى ذلك محتاجون ، أو تكون لك جنّة من نخيل وعنب فتأكل منها وتطعمنا فتفجّر الأنهار خلالها ، خلال تلك النّخيل والأعناب تفجيرا ، أو تسقط السّماء كما زعمت علينا كسفا ، فإنّك قلت لنا (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً) الآية (١) ، أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ، تأتي به وبهم وهم لنا مقابلون ، أو يكون لك بيت من زخرف تعطينا منه وتغنينا به فلعلّنا نطغى ، وإنّك قلت لنا : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى)(٢) ثمّ قال لصعودك : أو ترقى في السّماء ولن نؤمن لرقيّك حتّى تنزّل علينا كتابا نقرؤه من الله العزيز الحكيم إلى عبد الله بن أبي أميّة المخزومي ومن معه بأن آمنوا بمحمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب فإنّه رسولي ، وصدّقوه في مقاله أنّه من عندي ، ثمّ لا أدري يا محمّد إذا فعلت هذا كلّه اؤمن بك أو لا اؤمن بك ، بل لو رفعتنا إلى السّماء وفتحت أبوابها وأدخلتنا لقلنا إنّما سكّرت أبصارنا وسحرتنا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عبد الله أبقي شيء من كلامك؟
قال : يا محمّد أو ليس فيما أوردته عليك كفاية وبلاغ؟ ما بقي شيء فقل ما بدا لك وافصح عن نفسك إن كان لك حجّة ، وأتنا بما سألناك به.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهمّ أنت السّامع لكلّ صوت ، والعالم بكلّ شيء ، تعلم ما قاله عبادك.
__________________
(١) الطور : ٤٤.
(٢) العلق : ٦ ـ ٧.