وأبو جهل والعاص بن وائل السهمي وعبد الله بن أبي أميّة المخزومي ، وكان معهم جمع ممّن يليهم كثير ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله في نفر من أصحابه يقرأ عليهم كتاب الله ويؤدّي إليهم عن الله أمره ونهيه.
فقال المشركون بعضهم لبعض : لقد استفحل أمر محمّد وعظم خطبه ، فتعالوا نبدأ بتقريعه وتبكيته وتوبيخه والإحتجاج عليه وإبطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه ، ويصغّر قدره عندهم ، فلعلّه ينزع عمّا هو فيه من غيّه وباطله وتمرّده وطغيانه ، فإن انتهى وإلّا عاملناه بالسّيف الباتر.
قال أبو جهل : فمن ذا الّذي يلي كلامه ومجادلته؟
قال عبد الله بن أبي أميّة المخزومي : أنا إلى ذلك ، أفما ترضاني له قرنا حسبيا ومجادلا كفيّا؟
قال أبو جهل : بلى.
فأتوه بأجمعهم ، فابتدأ عبد الله بن أبي أميّة المخزومي فقال : يا محمّد لقد ادّعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا ؛ زعمت أنّك رسول الله ربّ العالمين ، وما ينبغي لربّ العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله ؛ بشر مثلنا تأكل كما نأكل وتشرب كما نشرب وتمشي في الأسواق كما نمشي ، فهذا ملك الرّوم وهذا ملك الفرس لا يبعثان رسولا إلّا كثير المال ، عظيم الحال ، له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدّام ، وربّ العالمين فوق هؤلاء كلّهم فهم عبيده ، ولو كنت نبيّا لكان معك ملك يصدّقك ونشاهده ، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيّا لكان إنّما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ، ما أنت يا محمّد إلّا رجلا مسحورا ولست بنبي.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هل بقي من كلامك شيء؟
قال : بلى ، لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجلّ من فينا أكثره مالا ، وأحسنه حالا ، فهلّا أنزل هذا «القرآن» الّذي زعم أنّ الله أنزله عليك وابتعثك به