قال : بلى.
قال : أفصار بذلك نبيّا؟
قال : لا.
قال : فكذلك لا يوجب لمحمّد صلىاللهعليهوآله نبوّة لو كان له بيوت ، ومحمّد لا يغتنم جهلك بحجج الله.
وأمّا قولك يا عبد الله (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) ثمّ قلت : (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) يا عبد الله الصعود إلى السّماء أصعب من النّزول عنها ، وإذا اعترفت على نفسك أنّك لا تؤمن إذا صعدت فكذلك حكم النزول ، ثمّ قلت : «حتّى تنزل علينا كتابا نقرؤه من بعد ذلك ثمّ لا أدري اؤمن بك أو لا اؤمن بك» فأنت يا عبد الله مقرّ بأنّك تعاند حجّة الله عليك ، فلا دواء لك إلّا تأديبه لك على يد أوليائه من البشر أو ملائكة الزبانية ، وقد أنزل الله عليّ حكمة بالغة جامعة لبطلان كلّ ما اقترحته ، فقال تعالى : (قُلْ) يا محمّد (سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)(١) ما أبعد ربّي عن أن يفعل الأشياء على ما يقترحه الجهّال ممّا يجوز وممّا لا يجوز ، وهل كنت إلّا بشرا رسولا لا يلزمني إلّا إقامة حجّة الله الّتي أعطاني ، وليس لي أن آمر على ربّي ولا أنهى ولا أشير فأكون كالرّسول الّذي بعثه ملك إلى قوم من مخالفيه فرجع إليه يأمره أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه.
فقال أبو جهل : يا محمّد هاهنا واحدة ؛ ألست زعمت أنّ قوم موسى احترقوا بالصاعقة لمّا سألوه أن يريهم الله جهرة؟
قال : بلى.
قال : فلو كنت نبيّا لاحترقنا نحن أيضا ، فقد سألنا أشدّ ممّا سأل قوم موسى ،
__________________
(١) الإسراء : ٩٣.