شرقن إذ عصر العيدان بارحها |
|
وأيبست عن مجرى السّنة الخضر |
يقول : جفّ كلّ شيء أخضر فلم يبق إلّا من درع يسقى. والسّنة سنة الحراث ، ومجرى السّنة الحرث ، وقال بعضهم : قيل له بارح : لأنه يبرح بالتّراب أي يذهب به ، وقيل أيضا : البارح البين ، كما يقال برح الخفاء إذا بان بما كان يخفى. ويجوز أن يكون من البرح ، وهو الشّدة لما كان ينسب البرد والأمطار والسّموم والحرور إلى نوئه معه. ومنه البرح وبرحين وبنات برح وبنت برح. وقال أبو زيد : إذا هبّت الجنوب بعد دوام الشّمال في ذلك فرسخ أي راحة وفرجة. والرياح أربع بإجماع من الأمم. وإنّما اختلفت باختلاف مهابّها في أقطار الأرض الأربعة ، وهي : مطلع الاستواء ـ ومغربه ـ وجهة القطب الجنوبي ـ وجهة القطب الشمالي ، فالتي تهبّ من مغرب الاستواء هي الغربية وتسمّى الدّبور ، وهي التي سمّاها الله عقيما.
وقال النّبي صلىاللهعليهوسلم : «نصرت بالصّبا وأهلكت العاد بالدّبور» والتي تهبّ من جهة القطب الجنوبي هي الجنوب وتسمّى الأزيب. والنّعامي وهي تهبّ من جهة القطب الشّمالي وتسمى الشّمال ، وهي الجريباء ، ومحوة لأنّها تبدّد السّحاب وتمحوه ، ونسعا ومسعا وهي الشّامية.
وقال ابن الأعرابي : مهبّ الجنوب من مطلع سهيل إلى مطلع الثّريا ، ومهبّ الصّبا من مطلع الثّريا إلى بنات نعش ، ومهب الشّمال من بنات نعش إلى مسقط النّسر الطائر ، ومهبّ الدّبور من مسقط النّسر الطائر إلى مطلع سهيل ، والجنوب والدّبور لهما هيف وهو الرّياح الحارة الصّيفية ، والصّبا والشّمال لا هيف لهما. والعرب تجعل أبواب بيوتها حذاء الصّبا ومطلع الشّمس.
وقال الأصمعي : ما بين سهيل إلى طرف بياض الفجر وما بإزائها ممّا يستقبلها شمال وما جاء من وراء بيت الله الحرام ، دبور ، وما كان قبالة ذلك فهو صبأ وقال غير الأصمعي وابن الأعرابي : الجنوب التي تهبّ عن يمين القبلة شتاء والصّبا بإزائها ، وقالوا كلّهم كلّ ريح تهبّ بين مهبي ريحين فهي نكباء ، لتنكّبها عن المهاب المعروفة ، والجمع نكب ، وتميل في طبعها إلى الرّيح التي في مهبها أقرب إليها.
وقال أبو زيد : النّكباء التي لا يختلف فيها : هي التي بين الصّبا والشّمال والنّكباء ذات ثمان ، لأنّ بين كلّ ريح وأختها ريحين ، وكلّ واحدة إلى جنب صاحبتها وهبوبها في أيام الشّتاء أكثر ، ومن رياح الشّتاء الحرجف والبليل ، ومن رياح الصّيف الهيف والسّموم والحرور ، فإن هبّت ليلا في ابتداء الرّبيع فهي الخاسة. وسيجيء القول في أجناس الرّياح مستقصى في موضعه ، واللّواقح تهبّ في الربيع لا غير ، وهي الجنوب ، والصّبا والشّمال وتسمّى المستثابات ، ومعناه المستنقعات من الثّواب ، ويجوز أن يكون المسئولات النؤب