ولقد جنيتك أكمؤا وعاقلا |
|
ولقد نهيتك عن بنات الأوبر |
فأدخل الألف واللّام على الأوبر وهو معرفة ، لأنه لم يعتد بهما ، أو يكون أجراه مجرى الخازباز وخمسة عشر وأخواته في العدد ، لأنّ الألف واللّام لا يزيلان بناءهما ولا يردانهما إلى أصلهما ، والأول أجود وأكثر نظيرا في الوجود. قال قطرب : وإذا جمعت أمس في القياس قلت : ثلاثة آماس ، لأنه مثل فرخ وأفراخ ، وفلس وأفلاس ، وقال الرّاجز شعرا :
مرّت بنا أوّل من أموس |
|
تميس فيه مشية العروس |
فجمعه على فعول مثل فروخ وفلوس ، وقال بعض الأعراب :
مرّت بنا أول من أمسيه |
|
تجرّ في محفلها الرّجليه |
فبنى أمس انتهت الحكاية. قال الشّيخ : الياء في أمسيه لبيان الحركة ، وكذلك في الرّجليه ، وكأنه أراد أوّل من أوّل من أمس فثنى أمس بدلا من تكرير أول ، وهذا كما قال أبو العباس فيما حكى عن الحجاج أنه كان يقول : يا حرسي اضربا عنقه. والمراد : اضرب اضرب فأتى بدل التّكرير بلفظ التثنية ، فأما أوّل من قولك أول من أمس فهو صفة كان المراد به يوما أوّل من أمس ، وقالوا : بعد غد ، ولم يقولوا : قبل أمس ، فكان أول بدل قبل ، وبعد غد في موضع الصّفة أيضا.
قال قطرب : فإن أضفته فإنّ بعضهم يجرّه كحاله قبل أن تضيف ، كما كأن ذلك في الألف واللّام. قال الشيخ : الوجه في أمس إذا أضيف أن يعرب ويصرف كما قلناه في الألف واللّام ، فأما من بناه مع الإضافة فإنّه شبهه بخازباز وخمسة عشر وأخواته ، لأنها بنيت ، وإن أضيفت ، ورجوع أمس في التّنكير إلى أصله هو الّذي يدل على مخالفته لباب خازباز وخمسة عشر وأخواته. وقد قال قطرب في أمس : إذا جعلته نكرة فإنه يجري فيه الإعراب وكل ما يرده التنكير إلى أصله تردّه الإضافة والألف واللّام إلى أصله ، وخمسة عشر وأخواته بنيت نكرات ، وإن كان كذلك كان الضّعف والبعد في بناء أمس عند الإضافة ومع الألف واللام ظاهرين فاعلمه ، وتقول : آتيك غدا أو شيّعه ، وآتيك الجمعة أو شيّعه والمراد اليوم الذي يليه. قال عمر بن أبي ربيعة شعرا :
قال الحبيب غدا يفرّقنا |
|
أو شيعه أفلا تودّعنا؟! |
فكان هذا من الاتباع ، وفي الحديث : شاعه أبو بكر أي اتّبعه ، فيقال على هذا النّبيصلىاللهعليهوسلم وشيّعه ، أي مصدّقه وصاحبه ومن هذا الشّيعة.
وقال ابن الأعرابي : يقع الشيعة على كل من أحبّ وصدّق وحضّ على الاتباع أو حرّض تأخر عن المتبوع أو تقدم عليه. ألا ترى قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) [سورة الصّافات ، الآية : ٨٣] يعني من شيعة محمد صلىاللهعليهوسلم فأما قوله :