والكثير ، واللّيلة مخرجها مخرج الواحد من اللّيل على أنه قد جمع في الشذوذ على نهر قال :
لو لا الثّريد إن هلكنا بالضّمر |
|
ثريد ليل وثريد بالنّهر |
وأصل التّسخير : التّذليل ، والمراد إنّ الله يمسكه ، وتسكين الأجسام الثقال بغير دعامة ولا علاقة فعل من لا شبيه له ولا نظير ، فهو القادر الذي لا يعجزه مراد قوله تعالى : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٦٤] يريد أنّ هذه البراهين على التّوحيد ، وبطلان التّشبيه يستدل بها العقلاء ، فيصلون إلى العلم بما يلزمهم ، ثم العمل بها ففيه مدح المفسرين المتأملين ، وذمّ لمن سلك غير طريقهم ، فأهملوا مع المهملين.
ومنه قوله تعالى في سورة النّمل : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) [سورة النّمل ، الآية : ٥٩] إلى قوله : (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) [سورة النمل ، الآية : ٦٦].
اعلم أنّ هذه الآي تشتمل على فوائد كثيرة ومسائل جمة عجيبة. فمنها بيان الفائدة في قوله تعالى : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) ، وكيف جعل قرآنا متلوا؟ والظاهر أنه من كلام جبرائيل مخاطبا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم عند أداء المنزل إليه ، ومنها : كيف مورد قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ) [سورة النّمل ، الآية : ٥٩] والقصد إلى تبكيت المعاندين وإنذارهم وجمع الحجّة عليهم وقل إنكارهم بدلالة قوله : (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة النمل ، الآية : ٥٩] إلى غير ذلك مما سنبيّنه شيئا بعد شيء إن شاء الله تعالى ، فنقول وبالله التوفيق.
أما لفظة قل : فحيث ما جاء في التّنزيل مبتدأ كان ، أو متوسطا ، فهو أمارة كونه من كلام الله خطابا للنّبي صلىاللهعليهوسلم تبصيرا عند افتتاح القول ، وتهذيبا ، أو إسقاطا للسؤال ، يوجهه المعاندون نحوه امتحانا ، فكان النّبي صلىاللهعليهوسلم ينتظر في مثل هذه الأحوال ما يلقنه من وحي فيدفع به مضرّتهم ، أو يبطل به حجّتهم ، أو يتوصّل به إلى تعجيزهم ورد كيدهم في نحورهم ، أو يستظهر به داعيا عند طلب السّلامة عليهم ظهر الابتداء المعقب بقل والله يمده بما يعلو به أمره ، ويشتد به أزره فلا يجيء لفظة قل في القرآن إلّا وهو تلقين للنّبي صلىاللهعليهوسلم وكموعد ينتظر إنجازه على هذا قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [سورة الإسراء ، الآية : ٨٥] وقوله تعالى : (ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) [سورة الأحقاف ، الآية : ٩] ، وكقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) [سورة ص ، الآية : ٦٥] و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) [سورة الكافرون ، الآية: ١] و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [سورة الإخلاص ، الآية : ١] و (قُلْ أَعُوذُ) [سورة الفلق ، الآية : ١] وما أشبهها.