مرتين أولاهما قتل زكرياء عليهالسلام قاله السدّي عن أشياخه ، وقاله ابن مسعود وابن عباس ، وذلك أنه لما مات صديقة ملكهم تنافسوا على الملك وقتل بعضهم بعضا ولا يسمعون من زكريا. فقال الله له : قم في قومك أوح على لسانك ، فلما فرغ مما أوحى الله إليه عدوا عليه ليقتلوه فهرب فانفلقت له شجرة فدخل فيها ، وأدركه الشيطان فأخذ هدبة من ثوبه فأراهم إياها فوضعوا المنشار في وسطها حتى قطعوه في وسطها. وقيل : سبب قتل زكريا أنهم اتهموه بمريم قيل قالوا حين حملت مريم : ضيع بنت سيدنا حتى زنت ، فقطعوه بالمنشار في الشجرة. وقيل شعياء قاله ابن إسحاق وإن كان زكرياء مات موتا ولم يقتل وإن الذي دخل الشجرة وقطع نصفين بالمنشار في وسطها هو شعياء ، وكان قبل زكرياء وحبس أرمياء حين أنذرهم سخط الله والآخرة قبل يحيى بن زكرياء وقصد قتل عيسى ابن مريم أعلم الله بني إسرائيل في التوراة أنه سيقع منهم عصيان وكفر لنعم الله تعالى في الرسل وفي الكتب وغير ذلك ، وأنه سيرسل عليهم أمّة تغلبهم وتقتلهم وتذلهم ثم يرحمهم بعد ذلك ويجعل لهم الكرة ويردهم إلى حالهم الأولى من الظهور فتقع منهم المعاصي وكفر النعم والظلم والقتل والكفر بالله من بعضهم ، فيبعث الله عليهم أمة أخرى تخرب ديارهم وتقتلهم وتجليهم جلاء مبرحا ودل الوجود بعد ذلك على هذا الأمر كله ، قيل وكان بين آخر الأولى والثانية مائتا سنة وعشر سنين ملكا مؤيدا ثابتا. وقيل سبعون سنة. وقال الكلبي لتعصنّ في الأرض المقدسة ولتعلنّ أي تطغون وتعظمون.
وقرأ زيد بن علي عليا كبيرا في الموضعين بكسر اللام والياء المشدّدة. وقراءة الجمهور (عُلُوًّا) والصحيح في فعول المصدر أكثر كقوله : (وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) (١) بخلاف الجمع ، فإن الإعلال فيه هو المقيس وشذ التصحيح نحو نهو ونهوّ خلافا للفراء إذ جعل ذلك قياسا (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) أي موعد أولاهما لأن الوعد قد سبق ذلك والموعود هو العقاب. وقال الزمخشري : معناه وعد عقاب أولاهما. وقيل : الوعد بمعنى الوعيد. وقيل : بمعنى الموعد الذي يراد به الوقت ، والضمير في أولاهما عائد على المرتين.
وقرأ الجمهور (عِباداً) وقرأ الحسن وزيد بن علي عبيدا. قال ابن عباس : غزاهم وقتادة جالوت من أهل الجزيرة. وقال ابن جبير وابن إسحاق غزاهم سنجاريب وجنوده ملك بابل. وقيل بخت نصر ، وروي أنه دخل قبل في جيش من الفرس وهو حامل يسير في مطبخ
__________________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٢١.