ودعوا علم ذلك إلى الله. والمبعوث قيل هو تمليخا ، وكانوا قد استصحبوا حين خرجوا فارين دراهم لنفقتهم وكانت حاضرة عندهم ، فلهذا أشار وإليها بقولهم (هذِهِ).
وقرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر والحسن والأعمش واليزيدي ويعقوب في رواية ، وخلف وأبو عبيد وابن سعدان (بِوَرِقِكُمْ) بإسكان الراء. وقرأ باقي السبعة وزيد بن عليّ بكسرها. وقرأ أبو رجاء بكسر الواو وإسكان الراء وإدغام القاف في الكاف وكذا إسماعيل عن ابن محيصن ، وعن ابن محيصن أيضا كذلك إلّا أنه كسر الراء ليصح الإدغام ، وقال الزمخشري : وقرأ ابن كثير (بِوَرِقِكُمْ) بكسر الراء وإدغام القاف في الكاف انتهى. وهو مخالف لما نقل الناس عنه. وحكى الزجاج قراءة بكسر الواو وسكون الراء دون إدغام. وقرأ عليّ بن أبي طالب بوارقكم على وزن فاعل جعله اسم جمع كباقر وجائل.
و (الْمَدِينَةِ) هي مدينتهم التي خرجوا منها ، وقيل وتسمى الآن طرسوس وكان اسمها عند خروجهم أفسوس. (فَلْيَنْظُرْ) يجوز أن يكون من نظر العين ، ويجوز أن يكون من نظر القلب ، والجملة في موضع نصب بفلينظر معلق عنها الفعل. و (أَيُّها) استفهام مبتدأ و (أَزْكى) خبره ، ويجوز أن يكون (أَيُّها) موصولا مبنيا مفعولا لينظر على مذهب سيبويه ، و (أَزْكى) خبر مبتدأ محذوف. و (أَزْكى) قال ابن عباس وعطاء أحل ذبيحة وأطهر لأن عامة بلدتهم كانوا كفارا يذبحون للطواغيت. وقال ابن جبير : أحل طعاما. قال الضحاك : وكان أكثر أموالهم غصوبا. وقال مجاهد : قالوا له لا تبتع طعاما فيه ظلم. وقال عكرمة : أكثر. وقال قتادة : أجود. وقال ابن السائب ومقاتل : أطيب. وقال يمان بن ريان : أرخص. وقيل : أكثر بركة وريعا. وقيل : هو الأرز. وقيل : التمر. وقيل : الزبيب. وقيل : في الكلام حذف أي أيّ أهلها (أَزْكى طَعاماً) فيكون ضمير المؤنث عائدا على (الْمَدِينَةِ) وإذا لم يكن حذف فيكون عائده على ما يفهم من سياق الكلام كأنه قيل أي المآكل.
وفي قوله : (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ) دليل على أن حمل النفقة وما يصلح للمسافر هو رأي المتوكلين على الله دون المتوكلين على الإنفاقات وعلى ما في أوعية الناس. وقال بعض العلماء : ما لهذا السفر يعني سفر الحج إلا شيئان شد الهميان والتوكل على الرحمن. (وَلْيَتَلَطَّفْ) في اختفائه وتحيله مدخلا ومخرجا. وقال الزمخشري : وليتكلف اللطف والنيقة فيما يباشره من أمر المبايعة حتى لا يغبن ، أو في أمر التخفي حتى لا يعرف انتهى. والوجه الثاني هو الظاهر. وقرأ الحسن : (وَلْيَتَلَطَّفْ) بكسر لام الأمر ، وعن قتيبة الميال (وَلْيَتَلَطَّفْ) بضم الياء مبنيا للمفعول. (وَلا يُشْعِرَنَ) أي لا يفعل ما يؤدي من غير