وقال الزمخشري : و (مِنْ) الأول للابتداء والثانية للتبيين ، وتنكير (أَساوِرَ) لإبهام أمرها في الحسن انتهى. ويحتمل أن تكون (مِنْ) في قوله (مِنْ ذَهَبٍ) للتبعيض لا للتبيين. وقرأ أبان عن عاصم من اسورة من غير ألف وبزيادة هاء وهو جمع سوار. وقرأ أيضا أبان عن عاصم وابن أبي حماد عن أبي بكر : (وَيَلْبَسُونَ) بكسر الباء. وقرأ ابن محيصن (وَإِسْتَبْرَقٍ) بوصل الألف وفتح القاف حيث وقع جعله فعلا ماضيا على وزن استفعل من البريق ، ويكون استفعل فيه موافقا للمجرد الذي هو برق كما تقول : قر واستقر بفتح القاف ذكره الأهوازي في الإقناع عن ابن محيصن. قال ابن محيصن. وحده : (وَإِسْتَبْرَقٍ) بالوصل وفتح القاف حيث كان لا يصرفه انتهى. فظاهره أنه ليس فعلا ماضيا بل هو اسم ممنوع الصرف. وقال ابن خالويه : جعله استفعل من البريق ابن محيصن فظاهره أنه فعل ماض وخالفهما صاحب اللوامح. قال ابن محيصن : (وَإِسْتَبْرَقٍ) بوصل الهمزة في جميع القرآن فيجوز أنه حذف الهمزة تخفيفا على غير قياس ، ويجوز أنه جعله عربية من برق يبرق بريقا. وذلك إذا تلالأ الثوب لجدته ونضارته ، فيكون وزنه استفعل من ذلك فلما تسمى به عامله معاملة الفعل في وصل الهمزة ، ومعاملة المتمكنة من الأسماء في الصرف والتنوين ، وأكثر التفاسير على أنه عربية وليس بمستعرب دخل في كلامهم فأعربوه انتهى.
ويمكن أن يكون القولان روايتين عنه فتح القاف وصرفه التنوين ، وذكر أبو الفتح بن جنيّ قراءة فتح القاف ، وقال : هذا سهو أو كالسهو انتهى. وإنما قال ذلك لأنه جعله اسما ومنعه من الصرف لا يجوز لأنه غير علم ، وقد أمكن جعله فعلا ماضيا فلا تكون هذه القراءة سهوا. قال الزمخشري : وجمع بين السندس وهو ما رقّ من الديباج ، وبين الإستبرق وهو الغليظ منه جمعا بين النوعين ، وقدمت التحلية على اللباس لأن الحلي في النفس أعظم وإلى القلب أحب ، وفي القيمة أغلى ، وفي العين أحلى ، وبناء فعله للمفعول الذي لم يسم فاعله إشعارا بأنهم يكرمون بذلك ولا يتعاطون ذلك بأنفسهم كما قال الشاعر :
غرائر في كن وصون ونعمة |
|
تحلين ياقوتا وشذرا مفقرا |
وأسند اللباس إليهم لأن الإنسان يتعاطى ذلك بنفسه خصوصا لو كان بادي العورة ، ووصف الثياب بالخضرة لأنها أحسن الألوان والنفس تنبسط لها أكثر من غيرها ، وقد روي في ذلك أثر إنها تزيد في ضوء البصر وقال بعض الأدباء :
أربعة مذهبة لكل هم وحزن |
|
الماء والخضرة والبستان والوجه الحسن |