العالم الدنيوي ويؤتى بالعالم الأخروي ، وانتصب (وَيَوْمَ) على إضمار اذكر أو بالفعل المضمر عند قوله (لَقَدْ جِئْتُمُونا) أي قلنا يوم كذا لقد. وقرأ نافع وحمزة والكسائي والأعرج وشيبة وعاصم وابن مصرّف وأبو عبد الرحمن (نُسَيِّرُ) بنون العظمة الجبال بالنصب ، وابن عامر وابن كثير وأبو عمرو والحسن وشبل وقتادة وعيسى والزهري وحميد وطلحة واليزيدي والزبيري عن رجاله عن يعقوب بضم التاء وفتح الياء المشددة مبنيا للمفعول (الْجِبالَ) بالرفع وعن الحسن كذلك إلّا أنه بضم الياء باثنتين من تحتها ، وابن محيصن ومحبوب عن أبي عمر وتسير من سارت الجبال. وقرأ أبيّ سيرت الجبال (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) أي منكشفة ظاهرة لذهاب الجبال والظراب والشجر والعمارة ، أو ترى أهل الأرض بارزين من بطنها. وقرأ عيسى (وَتَرَى الْأَرْضَ) مبنيا للمفعول (وَحَشَرْناهُمْ) أي أقمناهم من قبورهم وجمعناهم لعرصة القيامة.
وقال الزمخشري : فإن قلت : لم جيء بحشرناهم ماضيا بعد تسير وترى؟ قلت : للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير وقبل البروز ليعاينوا تلك الأهوال والعظائم ، كأنه قيل : (وَحَشَرْناهُمْ) قبل ذلك انتهى. والأولى أن تكون الواو واو الحال لا واو العطف ، والمعنى وقد (حَشَرْناهُمْ) أي يوقع التسيير في حالة حشرهم. وقيل : (وَحَشَرْناهُمْ وَعُرِضُوا وَوُضِعَ الْكِتابُ) مما وضع فيه الماضي موضع المستقبل لتحقق وقوعه. وقرأ الجمهور : نغادر بنون العظمة وقتادة تغادر على الإسناد إلى القدرة أو الأرض ، وأبان بن يزيد عن عاصم كذلك أو بفتح الدال مبنيا للمفعول واحد بالرفع وعصمة كذلك ، والضحاك نغدر بضم النون وإسكان الغين وكسر الدال ، وانتصب (صَفًّا) على الحال وهو مفرد تنّزل منزلة الجمع أي صفوفا. وفي الحديث الصحيح : «يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد صفوفا يسمعهم الداعي وينفذهم البصر». الحديث بطوله وفي حديث آخر : «أهل الجنة يوم القيامة مائة وعشرون صفا أنتم منها ثمانون صفا». أو انتصب على المصدر الموضوع موضع الحال أي مصطفين. وقيل : المعنى (صَفًّا) صفا فحذف صفا وهو مراد ، وهذا التكرار منبىء عن استيفاء الصفوف إلى آخرها ، شبه حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان مصطفين ظاهرين يرى جماعتهم كما يرى كل واحد لا يحجب أحد أحدا.
(لَقَدْ جِئْتُمُونا) معمول لقول محذوف أي وقلنا و (كَما خَلَقْناكُمْ) نعت لمصدر محذوف أي مجيئا مثل مجيء خلقكم أي «حفاة عراة غرلا» كما جاء في الحديث ، وخالين من المال والولد وأن هنا مخففة من الثقيلة. وفصل بينها وبين الفعل بحرف النفي وهو