موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها (لِتُغْرِقَ أَهْلَها) إلى قوله (عُسْراً)» قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وكان الأول من موسى نسيانا قال : وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر فقال له الخضر : ما علمي وعلمك من علم الله إلّا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر».
واللام في (لِتُغْرِقَ أَهْلَها). قيل : لام العاقبة. وقيل : لام العلة. وقرأ زيد بن عليّ والأعمش وطلحة وابن أبي ليلى وحمزة والكسائي وخلف وأبو عبيد وابن سعدان وابن عيسى الأصبهاني ليغرق بفتح الياء والراء وسكون الغين (أَهْلَها) بالرفع. وقرأ باقي السبعة بضم تاء الخطاب وإسكان الغين وكسر الراء ونصب لام (أَهْلَها). وقرأ الحسن وأبو رجاء كذلك إلّا أنهما فتحا الغين وشددا الراء.
ثم ذكره الخضر بما سبق له من نفي استطاعته الصبر لما يرى فقال (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ) والظاهر حمل النسيان على وضعه. وقد قال عليهالسلام : «كانت الأولى من موسى نسيانا» والمعنى أنه نسي العهد الذي كان بينهما من عدم سؤاله حتى يكون هو المخبر له أولا وهذا قول الجمهور. وعن أبيّ ابن كعب أنه ما نسي ولكن قوله هذا من معاريض الكلام. قال الزمخشري : أراد أنه نسي وصيته ولا مؤاخذة على الناسي ، أو أخرج الكلام في معرض النهي عن المؤاخذة بالنسيان توهمه أنه نسي ليبسط عذره في الإنكار وهو من معاريض الكلام التي ينفي بها الكذب مع التوصل إلى الغرض كقول إبراهيم عليهالسلام. هذه أختي وإني سقيم : أو أراد بالنسيان الترك أي (لا تُؤاخِذْنِي) بما تركت من وصيتك أول مرة انتهى.
وقد بيّن ابن عطية كلام أبيّ بكلام طويل يوقف عليه في كتابه ، ولا يعتمد إلّا قول الرسول : «كانت الأولى من موسى نسيانا».
(وَلا تُرْهِقْنِي) لا تغشني وتكلفني (مِنْ أَمْرِي) وهو اتباعك (عُسْراً) أي شيئا صعبا ، بل سهّل عليّ في متابعتك بترك المناقشة. وقرأ أبو جعفر (عُسْراً) بضم السين حيث وقع فانطلقا في الكلام حذف تقديره فخرجا من السفينة ولم يقع غرق بأهلها ، فانطلقا فبينما هما يمشيان على الساحل إذا بصر الخضر (غُلاماً) يلعب مع الصبيان وفي بعض الروايات فمر بغلمان يلعبون فعمد الخضر إلى غلام حسن الهيئة وضيء الوجه فاقتلع رأسه. وقيل : رضه بحجر. وقيل : ذبحه. وقيل : فتل عنقه. وقيل : ضرب برأسه الحائط.