مصدر كموعد (وَعَرَضْنا) أي أبرزنا (جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ) أي يوم إذ جمعناهم. وقيل : اللام بمعنى على كقوله :
فخر صريعا لليدين وللفم
وأبعد من ذهب إلى أنه مقلوب. والتقدير وعرضنا الكافرين على جهنم (عَرْضاً) وتخصيصه بالكافرين بشارة للمؤمنين. و (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ) صفة ذم في (غِطاءٍ) استعار الغطاء لأعينهم ، والمراد أنهم لا يبصرون آياتي التي ينظر إليها فيعتبر بها ، واذكر بالتعظيم وهذا على حذف مضاف أي عن آيات (ذِكْرِي). وقيل (عَنْ ذِكْرِي) عن القرآن وتأمل معانيه ، ويكون المراد بالأعين هنا البصائر لا الجوارح لأن الجوارح لا نسبة بينها وبين الذكر (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) مبالغة في انتفاء السمع إذ نفيت الاستطاعة ، وهم وإن كانوا صما لأن الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به ، وكان هؤلاء أصمت أسماعهم فلا استطاعة بهم للسمع (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) هم من عبد الملائكة وعزيزا والمسيح واتخذوهم أولياء من دون الله وهم بعض العرب واليهود والنصارى ، وهو استفهام فيه معنى الإنكار والتوبيخ ، والمعنى أنهم ليس لهم من ولاية هؤلاء الذين تولوهم شيء ، ولا يجدون عندهم منتفعا ويظهر أن في الكلام حذفا والتقدير (أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) فيجدي ذلك وينتفعون بذلك الاتخاذ. وقيل : العباد هنا الشياطين. روي عن ابن عباس وقال مقاتل : الأصنام لأنها خلقه وملكه ، والأظهر تفسير العباد بما قلناه لإضافتهم إليه والأكثر أن تكون الإضافة في مثل هذا اللفظ إضافة تشريف.
وحسب هنا بمعنى ظن وبه قرأ عبد الله أفظن. وقرأ عليّ بن أبي طالب وزيد بن علي بن الحسين ويحيى بن يعمر ومجاهد وعكرمة وقتادة ونعيم بن ميسرة والضحاك وابن أبي ليلى وابن كثير ويعقوب بخلاف عنهما وابن محيصن وأبو حيوة والشافعي ومسعود بن صاح (أَفَحَسِبَ) بإسكان السين وضم الباء مضافا إلى (الَّذِينَ) أي أفكافيهم ومحسبهم ومنتهى عرضهم ، والمعنى أن ذلك لا يكفيهم ولا ينفعهم عند الله كما حسبوا. وقال أبو الفضل الرازي قال سهل : يعني أبا حاتم معناه : أفحسبهم وحظهم إلّا أن (أَفَحَسِبَ) أبلغ في الذم لأنه جعله غاية مرادهم انتهى. وارتفع حسب على الابتداء والخبر (أَنْ يَتَّخِذُوا). وقال الزمخشري : أو على الفعل والفاعل لأن اسم الفاعل إذا اعتمد على الهمزة ساوى الفعل في العمل كقولك : أقائم الزيدان وهي قراءة محكمة جيدة انتهى. والذي يظهر أن هذا الإعراب لا يجوز لأن حسبا ليس باسم فاعل فتعمل ، ولا يلزم من تفسير شيء