محذوف لدلالة المعنى عليه تقديره لنفد. وقرأ الجمهور بمثله مددا بفتح الميم والدال بغير ألف ، والأعرج بكسر الميم. وانتصب (مَدَداً) على التمييز عن مثل كقوله :
فإن الهوى يكفيكه مثله صبرا
وقرأ ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والأعمش بخلاف والتيمي وابن محيصن وحميد والحسن في رواية ، وأبو عمرو في رواية وحفص في رواية بمثله مدادا بألف بين الدالين وكسر الميم. قال أبو الفضل الرازي : ويجوز أن يكون نصبه على المصدر بمعنى ولو أمددناه بمثله إمدادا ثم ناب المدد مناب الإمداد مثل أنبتكم نباتا.
وفي قوله (بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) إعلام بالبشرية والمماثلة في ذلك لا أدّعي أني ملك (يُوحى إِلَيَ) أي عليّ إنما هو مستند إلى وحي ربي ، ونبه على الوحدانية لأنهم كانوا كفارا بعبادة الأصنام ، ثم حض على ما فيه النجاة و (يَرْجُوا) بمعنى يطمع و (لِقاءَ رَبِّهِ) على تقدير محذوف أي حسن لقاء ربه. وقيل (يَرْجُوا) أي يخاف سوء (لِقاءَ رَبِّهِ) أي لقاء جزاء ربه ، وحمل الرجاء على بابه أجود لبسط النفس إلى إحسان الله تعالى. ونهى عن الإشراك بعبادة الله تعالى. وقال ابن جبير : لا يرائي في عمله فلا يبتغي إلّا وجه ربه خالصا لا يخلط به غيره. قيل : نزلت في جندب بن زهير قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إني أعمل العمل لله فإذا اطلع عليه سرني فقال : «إن الله لا يقبل ما شورك فيه». وروي أنه قال : «لك أجران أجر السر وأجر العلانية» وذلك إذا قصد أن يقتدى به. وقال معاوية بن أبي سفيان : هذه آخر آية نزلت من القرآن.
وقرأ الجمهور (وَلا يُشْرِكْ) بياء الغائب كالأمر في قوله (فَلْيَعْمَلْ) (١). وقرأ أبو عمرو في رواية الجعفي عنه : ولا تشرك بالتاء خطابا للسامع والتفاتا من ضمير الغائب إلى ضمير المخاطب ، وهو المأمور بالعمل الصالح ثم عاد إلى الالتفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله بربه ، ولم يأت التركيب بربك إيذانا بأن الضميرين لمدلول واحد وهو من في قوله (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا).
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ١١٠ وغيرها.