وقرأ الجمهور (خِفْتُ) من الخوف. وقرأ عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وابن عباس وسعيد بن العاصي وابن يعمر وابن جبير وعليّ بن الحسين وولده محمد وزيد وشبيل بن عزرة والوليد بن مسلم لأبي عامر خفت بفتح الخاء والفاء مشددة وكسر تاء التأنيث (الْمَوالِيَ) بسكون الياء والمعنى انقطع مواليّ وماتوا فإنما أطلب وليا يقوم بالدين. وقرأ الزهري (خِفْتُ) من الخوف (الْمَوالِيَ) بسكون التاء على قراءة (خِفْتُ) من الخوف يكون (مِنْ وَرائِي) أي بعد موتي. وعلى قراءة (خِفْتُ) يحتمل أن يتعلق (مِنْ وَرائِي) بخفت وهو الظاهر ، فالمعنى أنهم خفوا قدامه أي درجوا فلم يبق منهم من له تقوّ واعتضاد ، وأن يتعلق بالموالي أي قلوا وعجزوا عن إقامة الدين. و (وَرائِي) بمعنى خلفي ومن بعدي ، فسأل ربه تقويتهم ومظاهرتهم بولي يرزقه. وروي عن ابن كثير من وراي مقصورا كعصاي.
وتقدم شرح العاقر في آل عمران وقوله (مِنْ لَدُنْكَ) تأكيد لكونه وليا مرضيا بكونه مضافا إلى الله وصادرا من عنده ، أو أراد اختراعا منك بلا سبب لأني وامرأتي لا نصلح للولادة. والظاهر أنه طلب من الله تعالى أن يهبه وليا ولم يصرح بأن يكون ولد البعد ذلك عنده لكبره وكون امرأته عاقرا. وقيل : إنما سأل الولد.
وقرأ الجمهور : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ) برفع الفعلين صفة للولي فإن كان طلب الولد فوصفه بأن تكون الإجابة في حياته حتى يرثه لئلا تكون الإجابة في الولد لكن يحرمه فلا يحصل ما قصده. وقرأ النحويان والزهري والأعمش وطلحة واليزيدي وابن عيسى الأصبهاني وابن محيصن وقتادة بجزمهما على جواب الأمر. وقرأ عليّ وابن عباس والحسن وابن يعمر والجحدري وقتادة وأبو حرب بن أبي الأسود وجعفر بن محمد وأبو نهيك (يَرِثُنِي) بالرفع والياء وارث جعلوه فعلا مضارعا من ورث. قال صاحب اللوامح : وفيه تقديم فمعناه (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) من آل يعقوب (يَرِثُنِي) إن مت قبله أي نبوّتي وأرثه إن مات قبلي أي ماله ، وهذا معنى قول الحسن. وقرأ عليّ وابن عباس والجحدري (يَرِثُنِي) وارث (مِنْ آلِ يَعْقُوبَ). قال أبو الفتح هذا هو التجريد التقدير (يَرِثُنِي) منه وارث. وقال الزمخشري وارث أي (يَرِثُنِي) به وارث ويسمى التجريد في علم البيان ، والمراد بالإرث إرث العلم لأن الأنبياء لا تورث المال. وقيل : (يَرِثُنِي) الحبورة وكان حبرا ويرث (مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) الملك يقال : ورثته وورثت منه لغتان.
وقيل : (مِنْ) للتبعيض لا للتعدية لأن (آلِ يَعْقُوبَ) ليسوا كلهم أنبياء ولا علماء.