أن يكون هنا استفهاما ، فتعينت الشرطية واسم الشرط لا ينصبه فعل قبله إنما هو معمول للفعل الذي يليه ، والظاهر حمل الصلاة والزكاة على ما شرع في البدن والمال. وقيل : (الزَّكاةِ) زكاة الرؤوس في الفطر. وقيل الصلاة الدعاء ، و (الزَّكاةِ) التطهر.
و (ما) في (ما دُمْتُ) مصدرية ظرفية. وقال ابن عطية. وقرأ (دُمْتُ) بضم الدال عاصم وجماعة. وقرأ دمت بكسر الدال أهل المدينة وابن كثير وأبو عمرو انتهى. والذي في كتب القراءات أن القراء السبعة قرؤوا (دُمْتُ حَيًّا) بضم الدال ، وقد طالعنا جملة من الشواذ فلم نجدها لا في شواذ السبعة ولا في شواذ غيرهم على أنها لغة تقول (دُمْتُ) تدام كما قالوا مت تمات ، وسبق أنه قرىء وبرا بكسر الباء فإما على حذف مضاف أي وذا بر ، وإما على المبالغة جعل ذاته من فرط بره ، ويجوز أن يضمر فعل في معنى أوصاني وهو كلفني لأن أوصاني بالصلاة وكلفنيها واحد ، ومن قرأ (وَبَرًّا) بفتح الباء ، فقال الحوفي وأبو البقاء : إنه معطوف على (مُبارَكاً) وفيه بعد للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالجملة التي هي (أَوْصانِي) ومتعلقها ، والأولى إضمار فعل أي وجعلني (بَرًّا). وحكى الزهراوي وأبو البقاء أنه قرىء وبر بكسر الباء والراء عطفا على (بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ).
وقوله : (بِوالِدَتِي) بيان محل البر وأنه لا والد له ، وبهذا القول برأها قومها. والجبار كما تقدم المتعاظم وكان في غاية التواضع يأكل الشجر ويلبس الشعر ويجلس على التراب حيث جنه الليل لا مسكن له ، وكان يقول : سلوني فإني لين القلب صغير في نفسي ، والألف واللام في (وَالسَّلامُ) للجنس. قال الزمخشري : هذا التعريف تعريض بلعنة متهمي مريم وأعدائهما من اليهود ، وحقيقته أن اللام للجنس فإذا قال : وجنس السلام على خاصة فقد عرض بأن ضده عليكم ، ونظيره (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) (١) يعني إن العذاب على من كذب وتولى ، وكان المقام مقام مناكرة وعناد فهو مئنة لنحو هذا من التعريض. وقيل : أل لتعريف المنكر في قصة يحيى في قوله (وَسَلامٌ) نحو (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) (٢) فعصى فرعون الرسول أي وذلك السلام الموجه إلى يحيى في المواطن الثلاثة موجه إليّ. وسبق القول في تخصيص هذه المواطن.
وقرأ زيد بن علي (يَوْمَ وُلِدْتُ) أي يوم ولدتني جعله ماضيا لحقته تاء التأنيث ورجح
__________________
(١) سورة طه : ٢٠ / ٤٧.
(٢) سورة المزمل : ٧٣ / ١٥.