متى يكون ذلك أو سيكفرون بعبادتهم أو بيكونون عليهم ضدا أو معنى بعدا ، وتضمن العدّ والإحصاء معنى المجازاة ، أو (يَوْمَ نَحْشُرُ) ونسوق نفعل بالفريقين ما لا يحيط به الوصف أو بلا يملكون ، وكلها مقول في نصب (يَوْمَ) والأوجه الأخير. وعدى (نَحْشُرُ) بإلى (الرَّحْمنِ) تعظيما لهم وتشريفا. وذكر صفة الرحمانية التي خصهم بها كرامة إذ لفظ الحشر فيه جمع من أماكن متفرقة وأقطار شاسعة على سبيل القهر ، فجاءت لفظة (الرَّحْمنِ) مؤذنة بأنهم يحشرون إلى من يرحمهم ، ولفظ السوق فيه إزعاج وهو إن عدّي بإلى جهنم تفظيعا لهم وتبشيعا لحال مقرهم. ولفظة الوفد مشعرة بالإكرام والتبجيل كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين للكرامة عنده.
وعن عليّ : على نوق رحالها ذهب ، وعلى نجائب سرجها ياقوت. وعنه أيضا إنهم يجيئون ركبانا على النوق المحلاة بحلية الجنة خطمها من ياقوت وزبرجد. وروى عمرو بن قيس الملائي أنهم يركبون على تماثيل من أعمالهم الصالحة هي في غاية الحسن ، روى أنه يركب كل أحد منهم ما أحب من إبل أو خيل أو سفن تجيء عائمة بهم. والظاهر أن هذه الوفادة بعد انقضاء الحساب وأنها النهوض إلى الجنة كما قال (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (١) وشبهوا بالوفود لأنهم سراة الناس وأحسنهم شكلا وليست وفادة حقيقية لأنها تتضمن الانصراف من الموفود عليه ، وهؤلاء مقيمون أبدا في ثواب ربهم وهو الجنة والورد العطاش قاله ابن عباس وأبو هريرة والحسن ، والورد مصدر ورد أي سار إلى الماء. قال الراجز :
ردي ردي ورد قطاة صما |
|
كدرية أعجبها برد الماء |
ولما كان من يرد الماء لا يرده إلّا لعطش ، أطلق الورد على العطاش تسمية للشيء بسببه. وقرأ الحسن والجحدري يحشر المتقون ويساق المجرمون مبنيا للمفعول ، والضمير في (لا يَمْلِكُونَ) عائد على الخلق الدال عليهم ذكر المتقين والمجرمين إذ هم قسماه ، والاستثناء متصل و (مَنِ) بدل من ذلك الضمير أو نصب على الاستثناء و (لا يَمْلِكُونَ) استئناف إخبار. وقيل : موضعه نصب على الحال من الضمير في (لا يَمْلِكُونَ) ويكون عائدا على المجرمين. والمعنى غير مالكين أن يشفع لهم ، ويكون على هذا الاستثناء منقطعا. وقيل : الضمير في (لا يَمْلِكُونَ) عائد على المتقين والمجرمين ، والاستثناء متصل. وقيل : عائد
__________________
(١) سورة القمر : ٥٤ / ٥٥.