فعلم أن ثم مشروحا وميسرا ثم بين ورفع الإبهام فذكرهما فكان آكد لطلب الشرح والتيسير لصدره ، وأمره من أن يقول اشرح صدري ويسر أمري على الإيضاح الشارح لأنه تكرير للمعنى الواحد من طريقي الإجمال والتفصيل. وقال أيضا : وفي تنكير العقدة وإن لم يقل (وَاحْلُلْ عُقْدَةً لِسانِي) أنه طلب حل بعضها إرادة أن يفهم عنه فهما جيدا ولم يطلب الفصاحة الكاملة ، و (مِنْ لِسانِي) صفة للعقدة كأنه قيل (عُقْدَةً مِنْ) عقد (لِسانِي) انتهى. ويظهر أن (مِنْ لِسانِي) متعلق باحلل لأن موضع الصفة لعقدة وكذا قال الحوفي. وأجاز أبو البقاء الوجهين والوزير المعين القائم بوزر الأمور أي بثقلها فوزير الملك يتحمل عنه أوزاره ومؤنه. وقيل : من الوزر وهو الملجأ يلتجىء إليه الإنسان. وقال الشاعر :
من السباع الضواري دونه وزر |
|
والناس شرهم ما دونه وزر |
كم معشر سلموا لم يؤذهم سبع |
|
وما نرى بشرا لم يؤذهم بشر |
فالملك يعتصم برأيه ويلتجىء إليه في أموره. وقال الأصمعي : هو من المؤازرة وهي المعاونة والمساعدة ، والقياس أزير وكذا قال الزمخشري : قال وكان القياس أزير فقلبت الهمزة إلى الواو ووجه قلبها أن فعيلا جاء في معنى مفاعل مجيئا صالحا كعشير وجليس وقعيد وخليل وصديق ونديم ، فلما قلب في أخيه قلبت فيه ، وحمل الشيء على نظيره ليس بعزيز. ونظرا إلى يوازر وأخواته وإلى الموازرة انتهى ولا حاجة إلى ادعاء قلب الهمزة واوا لأن لنا اشتقاقا واضحا وهو الوزر ، وأما قلبها في يؤازر فلأجل ضمة ما قبل الواو وهو أيضا إبدال غير لازم ، وجوزوا أن يكون (لِي وَزِيراً) مفعولين لا جعل و (هارُونَ) بدل أو عطف بيان ، وأن يكون (وَزِيراً) و (هارُونَ) مفعولية ، وقدم الثاني اعتناء بأمر الوزارة و (أَخِي) بدل من (هارُونَ) في هذين الوجهين.
قال الزمخشري : وإن جعل عطف بيان آخر جاز وحسن انتهى. ويبعد فيه عطف البيان لأن الأكثر في عطف البيان أن يكون الأول دونه في الشهرة ، والأمر هنا بالعكس. وجوزوا أن يكون (وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) هما المفعولان و (لِي) مثل قوله (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (١) يعنون أنه به يتم المعنى. و (هارُونَ) على ما تقدم. وجوزوا أن ينتصب (هارُونَ) بفعل محذوف أي اضمم إليّ هارون وهذا لا حاجة إليه لأن الكلام تام بدون هذا المحذوف.
__________________
(١) سورة الإخلاص : ١١٢ / ٤.