(أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ) (١) انتهى. وقيل : الآية اليد. وقيل : العصا ، والمعنى بآية تشهد لنا بأنا رسولا ربك. والظاهر أن قوله (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) فصل للكلام ، فالسلام بمعنى التحية رغبا به عنه وجريا على العادة في التسليم عند الفراغ من القول ، فسلما على متبعي الهدى وفي هذا توبيخ له. وفي هذا المعنى استعمل الناس هذه الآية في مخاطباتهم ومحاوراتهم. وقيل : هو مدرج متصل بقوله (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا) فيكون إذ ذاك خبرا بسلامة المهتدين من العذاب. وقيل (عَلى) بمعنى اللام أي والسلامة ل (مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى).
وقال الزمخشري : وسلام الملائكة الذين هم خزنة الجنة على المهتدين ، وتوبيخ خزنة النار والعذاب على المكذبين انتهى. وهو تفسير غريب.
وقد يقال : السلام هنا السلامة من العذاب بدليل قوله (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) وبنى (أُوحِيَ) لما لم يسم فاعله ، ولم يذكر الموحى لأن فرعون كانت له بادرة فربما صدر منه في حق الموحى ما لا يليق به ، والمعنى على من كذب الأنبياء وتولى عن الإيمان. وقال ابن عباس هذه أرجى آية في القرآن لأن المؤمن ما كذب وتولى فلا يناله شيء من العذاب. وفي الكلام حذف تقديره فأتيا فرعون وقالا له ما أمرهما الله أن يبلغاه قال (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) خاطبهما معا وأفرد بالنداء موسى. قال ابن عطية : إذ كان صاحب عظم الرسالة وكريم الآيات. وقال الزمخشري لأنه الأصل في النبوة وهارون وزيره وتابعه ، ويحتمل أن يحمله خبثه وذعارته على استدعاء كلام موسى دون كلام أخيه لما عرف من فصاحة هارون والرتة في لسان موسى ، ويدل عليه قوله (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ) (٢) انتهى.
واستبد موسى عليهالسلام بجواب فرعون من حيث خصه بالسؤال والنداء معا ثم أعلمه من صفات الله تعالى بالصفة التي لا شرك لفرعون فيها ولا حيث خصه بالسؤال والنداء معا ثم أعلمه من صفات الله تعالى بالصفة التي لا شرك لفرعون فيها ولا بوجه مجاز. قال الزمخشري : ولله در هذا الجواب ما أخصره وما أجمعه وما أبينه لمن ألقى الذهن ونظر بعين الإنصاف وكان طالبا للحق انتهى. والمعنى أعطى كل ما خلق خلقته
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ٣٠.
(٢) سورة الزخرف : ٤٣ / ٥٢.