جاءت التثنية على الأصل والجمع لا من اللبس إذ النهار ليس له إلّا طرفان. وقيل : هو على حقيقة الجمع الفجر الطرف الأول ، والظهر والعصر من الطرف الثاني ، والطرف الثالث المغرب والعشاء. وقيل : النهار له أربعة أطراف عند طلوع الشمس ، وعند غروبها ، وعند زوال الشمس ، وعند وقوفها للزوال. وقيل : الظهر في آخر طرف النهار الأول ، وأول طرف النهار الآخر ، فهي في طرفين منه ، والطرف الثالث غروب الشمس وهو وقت المغرب. وقيل : يجعل النهار للجنس فلكل يوم طرف فيتكرر بتكرره. وقيل : المراد بالأطراف الساعات لأن الطرف آخر الشيء. وقرأ الجمهور : (وَأَطْرافَ) بنصب الفاء وهو معطوف على (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ). وقيل : معطوف على (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) وقرأ الحسن وعيسى بن عمر (وَأَطْرافَ) بخفض الفاء عطفا على (آناءِ).
(لَعَلَّكَ تَرْضى) أي تثاب على هذه الأعمال بالثواب الذي تراه وأبرز ذلك في صورة الرجاء والطمع لا على القطع. وقيل : لعل من الله واجبة. وقرأ أبو حيوة وطلحة والكسائي وأبو بكر وأبان وعصمة وأبو عمارة عن حفص وأبو زيد عن المفضل وأبو عبيد ومحمد بن عيسى الأصبهاني ترضى بضم التاء أي يرضيك ربك.
ولما أمره تعالى بالصبر وبالتسبيح جاء النهي عن مد البصر إلى ما متع به الكفرة يقال : مد البصر إلى ما متع به الكفار ، يقال : مد نظره إليه إذا أدام النظر إليه ، والفكرة في جملته وتفصيله. قيل : والمعنى على هذا ولا تعجب يا محمد مما متعناهم به من مال وبنين ومنازل ومراكب وملابس ومطاعم ، فإنما ذلك كله كالزهرة التي لا بقاء لها ولا دوام ، وإنها عما قليل تفنى وتزول. والخطاب وإن كان في الظاهر للرسول صلىاللهعليهوسلم فالمراد أمته وهو كان صلىاللهعليهوسلم أبعد شيء عن النظر في زينة الدنيا وأعلق بما عند الله من كل أحد ، وهو القائل في الدنيا «ملعونة ملعون ما فيها إلا ما أريد به وجه الله» وكان شديد النهي عن الاغترار بالدنيا والنظر إلى زخرفها (وَلا تَمُدَّنَ) أبلغ من لا تنظر لأن مد البصر يقتضي الإدامة والاستحسان بخلاف النظر ، فإنه قد لا يكون ذلك معه والعين لا تمدّ فهو على حذف مضاف أي (لا تَمُدَّنَ) نظر (عَيْنَيْكَ) والنظر غير الممدد معفو عنه. وذلك مثل من فاجأ الشيء ثم غض بصره. والنظر إلى الزخارف مركوز في الطبائع فمن رأى منها شيئا أحب إدمان النظر إليه ، وقد شدّد المتقون في غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة مركوبا وملبوسا وغيرهما لأنهم إنما اتخذوها لعيون النظارة حتى يفتخروا بها ، فالناظر إليها محصل لغرضهم وكالمغرى لهم على اتخاذها. وانتصب (أَزْواجاً) على أنه مفعول به ، والمعنى أصنافا من