الكفرة و (مِنْهُمْ) في موضع الصفة لأزواجا أي أصنافا وأقواما من الكفرة. كما قال : (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) (١).
وأجاز الزمخشري أن ينتصب (أَزْواجاً) عن الحال من ضمير (بِهِ) و (مَتَّعْنا) مفعوله منهم كأنه قيل إلى الذي متعنا به وهو أصناف بعضهم ، وناسا منهم. و (زَهْرَةَ) منصوب على الذم أو مفعول ثان لمتعنا على تضمينه معنى أعطينا أو بدل من محل الجار والمجرور ، أو بدل من (أَزْواجاً) على تقدير ذوي زهرة ، أو جعلهم (زَهْرَةَ) على المبالغة أو منصوب بفعل محذوف يدل عليه (مَتَّعْنا) أي جعلنا لهم (زَهْرَةَ) أو حال من الهاء ، أو ما على تقدير حذف التنوين من (زَهْرَةَ) لالتقاء الساكنين وخبر (الْحَياةِ) على البدل من (ما) وكل هذه الأعاريب منقول والأخير اختاره مكي ، وردّ كونه بدلا من محل (ما) لأن فيه الفصل بالبدل بين الصلاة وهي (مَتَّعْنا) ومعمولها وهو (لِنَفْتِنَهُمْ) فالبدل وهو (زَهْرَةَ).
وقرأ الجمهور (زَهْرَةَ) بسكون الهاء. وقرأ الحسن وأبو البر هيثم وأبو حيوة وطلحة وحميد وسلام ويعقوب وسهل وعيسى والزهري بفتحها. وقرأ الأصمعي عن نافع لنفتنهم بضم النون من أفتنه إذا جعل الفتنة واقعة فيه ، والزهرة والزهرة بمعنى واحد كالجهرة والجهرة. وأجاز الزمخشري في (زَهْرَةَ) المفتوح الهاء أن يكون جمع زاهر نحو كافر وكفرة ، وصفهم بأنهم زاهر وهذه الدنيا الصفاء ألوانهم مما يلهون ويتنعمون وتهلل وجوههم وبهاء زيهم وشارتهم بخلاف ما عليه المؤمنون والصلحاء من شحوب الألوان والتقشف في الثياب ، ومعنى (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) أي لنبلوهم حتى يستوجبوا العذاب لوجود الكفران منهم أو لنعذبهم في الآخرة بسببه.
(وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) أي ما ذخر لهم من المواهب في الآخرة (خَيْرٌ) مما متع به هؤلاء في الدنيا (وَأَبْقى) أي أدوم. وقيل : ما رزقهم وإن كان قليلا خير مما رزقوا وإن كان كثير الحلية ذلك وحرمية هذا. وقيل : ما رزقت من النبوة والإسلام. وقيل : ما يفتح الله على المؤمنين من البلاد والغنائم. وقيل : القناعة. وقيل : ثواب الله على الصبر وقلة المبالاة بالدنيا.
ولما أمره تعالى بالتسبيح في تلك الأوقات المذكورة ونهاه عن مد بصره إلى ما متع به
__________________
(١) سورة ص : ٣٨ / ٥٨.