والاستهزاء والاستعجال. وقيل : لعلموا صحة البعث. وقيل : لعلموا صحة الموعود. وقال الحوفي : لسارعوا إلى الإيمان. وقال الكسائي : هو تنبيه على تحقيق وقوع الساعة وحين يراد به وقت الساعة يدل على ذلك ، بل تأتيهم بغتة انتهى.
و (حِينَ) قال الزمخشري : مفعول به ليعلم أي لو يعلمون الوقت الذي يستعجلون عنه بقولهم (مَتى هذَا الْوَعْدُ) وهو وقت صعب شديد تحيط بهم النار من وراء وقدام ، ولكن جهلهم به هو الذي هونه عندهم. قال : ويجوز أن يكون (يَعْلَمُ) متروكا فلا تعدية بمعنى (لَوْ) كان معهم علم ولم يكونوا جاهلين لما كانوا مستعجلين ، و (حِينَ) منصوب بمضمر أي (حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ) يعلمون أنهم كانوا على الباطل ، وينتفي عنهم هذا الجهل العظيم أي لا يكفونها انتهى. والذي يظهر أن مفعول (يَعْلَمُ) محذوف لدلالة ما قبله أي لو يعلم الذين كفروا مجيء الموعود الذي سألوا عنه واستنبطوه.
و (حِينَ) منصوب بالمفعول الذي هو مجيء ويجوز أن يكون من باب الإعمال على حذف مضاف ، وأعمل الثاني والمعنى لو يعلمون مباشرة النار حين لا يكفونها عن وجوههم ، وذكر الوجوه لأنها أشرف ما في الإنسان وعجل حواسه ، والإنسان أحرص على الدفاع عنه من غيره من أعضائه ، ثم عطف عليها الظهور والمراد عموم النار لجميع أبدانهم ولا أحد يمنعهم من العذاب (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً) أي تفجؤهم. قال ابن عطية (بَلْ تَأْتِيهِمْ) استدراك مقدر قبله نفي تقديره إن الآيات لا تأتي بحسب اقتراحهم انتهى. والظاهر أن الضمير في (تَأْتِيهِمْ) عائد على النار : وقيل : على الساعة التي تصبرهم إلى العذاب. وقيل : على العقوبة. وقال الزمخشري : في عود الضمير إلى النار أو إلى الوعد لأنه في معنى النار وهي التي وعدوها ، أو على تأويل العدة والموعدة أو إلى الحين لأنه في معنى الساعة أو إلى البعثة انتهى.
وقرأ الأعمش بل يأتيهم بالياء بغتة بفتح الغين فيبهتهم بالياء والضمير عائد إلى الوعد أو الحين قاله الزمخشري : وقال أبو الفضل الرازي : لعله جعل النار بمعنى العذاب فذكر ثم رد ردّها إلى ظاهر اللفظ (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي يؤخرون عما حل بهم. ولما تقدم قوله (إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) سلاه تعالى بأن من تقدمه من الرسل وقع من أممهم الاستهزاء بهم ، وأن ثمرة استهزائهم جنوها هلاكا وعقابا في الدنيا والآخرة ، فكذلك حال هؤلاء المستهزئين. وتقدم تفسير مثل هذه الآية في الأنعام.
ثم أمره تعالى أن يسألهم من الذي يحفظكم في أوقاتكم من بأس الله أي لا أحد